responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 66
لَكِنْ ذَكَرَ الْمُزَجَّدُ فِي عُبَابِهِ مَا لَفْظُهُ: (وَصِفَتُهُ يَعْنِي الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَيُتَوَضَّأُ قَبْلَهُ اهـ. وَغَيْرُ خَافٍ عَلَى سَيِّدِي تَدَافُعُ الْكَلَامَيْنِ فَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: مَذْكُورٌ فِي شَرْحِي لِلْعُبَابِ وَعِبَارَتُهُ (هَذَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوُضُوءَ إنَّمَا يَكُونُ سُنَّةً فِي الْغُسْلِ الْوَاجِبِ، وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْمَحَامِلِيِّ، وَقَدْ يَقْتَضِيه قَوْلُ الرَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا بَعْدَ الْوُضُوءِ مِنْ مَنْدُوبَاتِ الْغُسْلِ إذَا كَانَ جُنُبًا غَيْرَ مُحْدِثٍ أَوْ قُلْنَا بِالِانْدِرَاجِ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى هَذَا يَحْتَاجُ إلَى إفْرَادِهِ بِنِيَّةٍ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَعَلَى الْأَصَحِّ لَا ا. هـ.
فَقَوْلُهُ وَإِلَّا يَشْمَلُ غَيْرَ الْجُنُبِ أَصْلًا، وَلَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ السُّنَنِ الَّتِي ذَكَرُوهَا هُنَا فِي الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ، بَلْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ أَنَّ وَجْهَ تَخْصِيصِ الْوَاجِبِ بِالذِّكْرِ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّتِهِ عَنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ فَإِنَّهَا لَا تَكْفِي عَنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَهُوَ أَعْنِي الْوُضُوءَ إنْ قِيلَ: بِنَدْبِهِ يَكُونُ مَنْدُوبًا عِنْدَ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ لَا فِيهِ إذْ لَا يُكْتَفَى بِنِيَّتِهِ عَنْهُ ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ جَزَمَ بِهَذَا الِاحْتِمَالِ) انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ وَبِهَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّ مُرَادَ مَنْ قَالَ بِنَدْبِهِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْغُسْلِ، وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِهِ عَدَمُ نَدْبِهِ فِي الْغُسْلِ.
فَتَأَمَّلْهُ يَظْهَرُ لَك أَنَّهُ لَا تَدَافُعَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ أَصْلًا وَلِمَا ذَكَرْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَوْلُهُ فَيُتَوَضَّأُ قَبْلَهُ قُلْت عَقِبَهُ: نَدْبًا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمْته فِي بَابِ الْغُسْلِ مِنْ نَدْبِ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ وَعَلَيْهِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ النِّيَّةِ اهـ. فَأَشَرْت هُنَا أَيْضًا إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَاذَا يَنْوِي الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ إذَا تَوَضَّأَ لِلْوَطْءِ وَالطُّعْمِ هَلْ يَنْوِي سُنَّةَ الْغُسْلِ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِتَقْلِيلِ الْحَدَثِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إنَّهُ لَا يَنْوِي شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَهُ السَّائِلُ وَإِنَّمَا يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِي لِلْعُبَابِ (وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ غَالِبًا وَالتَّنْظِيفُ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْوُضُوءَ يُؤَثِّرُ فِي حَدَثِ الْجُنُبِ وَيُزِيلُهُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ لَا يَرْتَفِعُ شَيْءٌ مِنْ الْحَدَثِ حَتَّى تَكْمُلَ الطَّهَارَةُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَضَمِيرُ يُزِيلُهُ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، فَعَلَيْهِ لَا إشْكَالَ وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي قَوْلِ الْقَاضِي وَابْنِ الصَّبَّاغِ: (وُضُوءُ الْجُنُبِ يُزِيلُ الْجَنَابَةَ عَنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ أَوْ يُؤَوَّلُ عَلَى أَنَّهُ يَصْلُحُ لِإِزَالَتِهَا عَنْ غَالِبِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ فِيمَا إذَا ظَنَّ حَدَثَهُ الْأَصْغَرَ فَنَوَاهُ.
وَقِيلَ الْحِكْمَةُ لَعَلَّهُ يَنْشَطُ لِلْغُسْلِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرُوهُ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ هُوَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ بَعْضُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسَّرًا بِهِ فِي خَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ هُوَ فِي الْعَوْدِ لِلْوَطْءِ غَسْلُ فَرْجِهِ لِرِوَايَةٍ بِهِ، قِيلَ: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَيَرُدُّهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءً» فَأُكِّدَ بِالْمَصْدَرِ؛ دَفْعًا لِإِرَادَةِ الْمَجَازِ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ. وَبِتَأَمُّلِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَاسْتِشْكَالِ مَا بَعْدَهُ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ يَتَّضِحُ انْدِفَاعُ قَوْلِ السَّائِلِ: أَوْ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ. .. إلَخْ. وَمُرَادُهُمْ بِتَقْلِيلِ الْحَدَثِ تَقْلِيلُهُ بِرَفْعِ الْأَصْغَرِ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ أَمَّا إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْهُ فَتَبْقَى نِيَّةُ رَفْعِ الْأَكْبَرِ إذْ التَّقْلِيلُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ قُلْت: الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ قَدْ يُحْمَلُ قَوْلُ السَّائِلِ: أَوْ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ. .. إلَخْ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ يَنْوِي بِالْوُضُوءِ هُنَا سُنَّةَ الْوُضُوءِ كَمَا فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ؟ قُلْت: يُمْكِنُ ذَلِكَ لَوْلَا قَوْلُهُمْ: الْقَصْدُ مِنْ هَذَا الْوُضُوءِ تَقْلِيلُ الْحَدَثِ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَنْوِي الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْأَكْبَرُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالْوُضُوءِ وَالْمُقَدِّمَةِ لِلْغُسْلِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَذَا شَيْئَانِ: الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الِانْدِرَاجَ وَزِيَادَةَ النَّظَافَةِ لِيَكُونَ مُقَدِّمَةً لِلْغُسْلِ فَإِذَا فَاتَ الْأَوَّلُ بَقِيَ الثَّانِي وَكَفَتْ فِيهِ نِيَّةُ السُّنَّةِ، وَأَمَّا ذَاكَ فَالْقَصْدُ بِهِ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ فَحَيْثُ أَمْكَنَتْ نِيَّتُهُ لَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ وَإِذَا تَعَيَّنَ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ لِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُجَدَّدِ نِيَّةً مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْأَصْلِ فَأَوْلَى هَذَا عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ الْمُقَدَّمَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِإِجْزَاءِ نِيَّةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ عَنْهُ كَمَا

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست