responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 269
لِأَجْلِ الِامْتِثَالِ ثُمَّ الْعِمَامَةُ عَلَى صِفَتِهَا فِي السُّنَّةِ وَالرِّدَاءُ فِي الصَّلَاةِ مَطْلُوبٌ شَرْعًا وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ دُونَ أَنْ يُغَطَّى بِهِ رَأْسُهُ.
وَكَذَلِكَ الْمَطْلُوبُ الْخُرُوجُ لِلْجُمَعِ بِثِيَابٍ غَيْرِ ثِيَابِ مِهْنَتِهِ فَأَيْنَ الْمُبَاحُ الْمُطْلَقُ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مُبَاحٌ فَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَدُخُولُ الْبَيْتِ كُلٌّ مِنْهَا مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ وَمَعَ ذَلِكَ لَهَا سُنَنٌ كَثِيرَةٌ فَلُبْسُ الْعِمَامَةِ وَإِنْ أُبِيحَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سُنَنٍ كَتَنَاوُلِهَا بِالْيَمِينِ وَقَوْلِهِ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ، وَالذِّكْرِ الْوَارِدِ إنْ كَانَ مَا لُبِسَ جَدِيدًا وَامْتِثَالُ السُّنَّةِ فِي لُبْسِ التَّعْمِيمِ مِنْ فِعْلِ التَّحْنِيكِ وَالْعَذَبَةِ وَتَصْغِيرهَا. اهـ. مُلَخَّصًا. وَكُلُّهُ مُنْدَفِعٌ بِقَوْلِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كَيْفِيَّاتِهِ الْإِبَاحَةُ حَتَّى يَرِدَ مَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ. . . إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ وَاضِحٌ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي كِتَابِ الْأَرْبَعِينَ لَهُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي التَّسَرْوُلِ أَنْ يَكُونَ قَاعِدًا.
وَفِي التَّعْمِيمِ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الدَّخَلِ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا تَمَسُّكَ فِيهِ لِمَا قَدَّمْته فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ هَذَا الْجَوَابِ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: وَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْوَقْتِ مِنْ اسْتِبَاحَةِ مَا يَلْبَسُونَهُ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ أَنَّ ذَلِكَ بِفَتْوَاهُ فَإِنْ كَانَ اسْتِنَادُهُمْ فِي ذَلِكَ لِفَتْوَاهُ فَهُوَ غَلَطٌ مَحْضٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ سُئِلَ. هَلْ فِي لُبْسِ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمُوسَعَةِ الْأَرْدَانِ أَيْ أُصُولِ الْأَكْمَامِ وَالْعَمَائِمِ الْمُكَبَّرَةِ بَأْسٌ أَوْ بِدْعَةٌ تَسْتَعْقِبُ تَوْبِيخًا فِي الْقِيَامَةِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي تَحْسِينِ الْخِيَاطَةِ وَالزِّيقِ وَالتَّضْرِيبِ مُضِرٌّ بِأَهْلِ الْوَرَعِ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْأَوْلَى بِالْإِنْسَانِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الِاقْتِصَادِ فِي اللِّبَاسِ، وَإِفْرَاطُ تَوْسِيعِ الْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ وَلَا تُجَاوِزُ الثِّيَابُ الْأَعْقَابَ فَمَا زَادَ عَلَى الْأَعْقَابِ فَفِي النَّارِ وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ شِعَارِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ فَيُسْأَلُوا فَإِنِّي كُنْت مُحْرِمًا فَأَنْكَرْت عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُحْرِمِينَ لَا يَعْرِفُونَنِي مَا أَخَلُّوا بِهِ مِنْ آدَابِ الْمَطَافِ فَلَمْ يَقْبَلُوا فَلَمَّا لَبِسْتُ ثِيَابَ الْفُقَهَاءِ وَأَنْكَرْتُ عَلَى الطَّائِفِينَ مَا أَخَلُّوا بِهِ مِنْ آدَابِ الطَّوَافِ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا، فَإِذَا لَبِسَ شِعَارَ الْفُقَهَاءِ لِهَذَا الْغَرَضِ كَانَ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ لِأَنَّهُ سَبَبٌ إلَى امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ.
وَأَمَّا الْمُبَالَغَةُ فِي تَحْسِينِ الْخِيَاطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَمِنْ فِعْلِ أَهْلِ الرُّعُونَةِ وَالِالْتِفَاتِ إلَى الْأَغْرَاضِ الْخَسِيسَةِ الَّتِي لَا تَلِيقُ لِأُولِي الْأَلْبَابِ. اهـ جَوَابُهُ وَلَا شَيْءَ فِيهِ يُبِيحُ مَا ذَكَرُوهُ لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ كَلَامَهُ بِأَنَّ هَذَا سَرَفٌ وَبِدْعَةٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا التَّأْسِيس قَالَ وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ شِعَارِ الْعُلَمَاءِ. مِنْ أَهْلِ الدِّينِ فَقَيَّدَ الْعَالِمَ بِكَوْنِهِ ذَا دِينٍ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يُسَامِحُ نَفْسَهُ فِي ارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ وَلَا فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ فَكَيْفَ بِالْمُحَرَّمِ وَلَا يَخْتَلِفُ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ وَالسَّرَفَ مُحَرَّمَانِ فَكَيْفَ يُقْتَدَى بِعَالَمٍ وَقَعَ فِي مُحَرَّمَاتٍ ثَلَاثٍ: الْبِدْعَةُ وَالسَّرَفُ وَإِضَاعَةُ الْمَالِ، فَالْحَاصِلُ مِنْ أَحْوَالِنَا أَنَّا لَبِسْنَا تِلْكَ الثِّيَابَ وَتَعَلَّقْنَا بِقَوْلِهِ: وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ شِعَارِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَرَأَيْنَا بَعْضَ مَنْ يُنْسَبُ الْيَوْمَ لِلْعِلْمِ وَالدِّينِ يَلْبَسُ تِلْكَ الثِّيَابَ فَقُلْنَا هَذِهِ هِيَ تِلْكَ الثِّيَابُ جَهْلًا مِنَّا بِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْهُمْ وَبِصِفَتِهِمْ وَكَيْفَ يَتَعَلَّقُونَ بِفَتْوَاهُ وَهُوَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَيَتَصَدَّقُ بِعِمَامَتِهِ فِي الطَّرِيقِ؟ وَقَوْلُهُ فِي تَحْسِينِ نَحْوِ الْخِيَاطَةِ مَا مَرَّ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا خَطَرَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ يُبْطِلُ مَا تُوُهِّمَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ يُبِيحُ أَوْ يَسْتَحِبُّ الْمُحَرَّمَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شِعَارِ الْعُلَمَاءِ فَاتَّضَحَ بُطْلَانُ مَا نَسَبُوهُ لِهَذَا الْإِمَامِ. اهـ. حَاصِلُ كَلَامِهِ وَإِذَا تَأَمَّلْته التَّأَمُّلَ الصَّادِقَ وَجَدْت عَلَيْهِ مُؤَاخَذَاتٍ كَثِيرَةً فَإِنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ مَرْدُودٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ فَتَحَفَّظَ أَوَّلًا بِذِكْرِ الْبِدْعَةِ وَالسَّرَفِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ ثُمَّ تَحَفَّظَ قَوْلَهُ ثَانِيًا الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ. . . إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ لَا تَحَفُّظَ إلَّا لَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا وَثَانِيًا مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الثَّانِي مُسْتَثْنًى مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ قَدْ حَكَمَ أَوَّلًا بِأَنَّ فِي ذَلِكَ التَّوْسِيعِ تِلْكَ الْمَحْذُورَاتِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَقَالَ: وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ شِعَارِ الْعُلَمَاءِ. . . إلَخْ فَبَيَّنَ أَنَّ لُبْسَ مَا فِيهِ ذَلِكَ التَّوْسِيعُ بِقَصْدِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ لَا بِدْعَةَ فِيهِ وَلَا سَرَفَ وَلَا إضَاعَةَ لِمَالٍ بَلْ فِيهِ الْأَجْرُ وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ شِعَارَ الْعُلَمَاءِ فِي كَلَامِهِ إنْ كَانَ عَلَى السُّنَّةِ فَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ: وَلَا بَأْسَ. . . إلَخْ وَلَا إلَى بَيَانِ انْتِفَاءِ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 269
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست