responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 245
غَيْهَبِ جِدَالِهِ فَقَصَدْت إلَى ذَلِكَ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِأَنِّي لَسْت هُنَالِكَ.
وَإِنَّمَا تَرْآبُ التَّطَفُّلِ عَلَى بِسَاطِ الْكَرَمِ أَنْتَجَ مَزِيدَ الْإِنْعَامِ بِجَلَائِلِ النِّعَمِ عَلَى أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّدِّ وَالتَّزْيِيفِ حَقِيقٌ أَنْ يُرْدَف بِالتَّرْصِيفِ بِتَصْنِيفٍ لَكِنَّ الِاشْتِغَالَ بِسُوءِ الْمُقْتَرَفِ هُوَ الْمَانِعُ لِي فِي الرُّقِيِّ إلَى هَذِهِ الْغُرَفِ فَأَسْأَلُ الْمَنَّانَ بِفَضْلِهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْ أَهْلِهِ إنَّهُ جَوَّادٌ كَرِيمٌ رَءُوف رَحِيمٌ فَأَقُولُ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا صَرِيحًا وَتَلْوِيحًا أَنَّ الْإِتْيَان بِالضَّمِيرِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُطْبَةِ لَا يَكْفِي سَوَاءٌ تَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرٌ أَمْ لَا. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْغَزِّيُّ وَابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ الْكَبِيرُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَنُكَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ حَيْثُ نَقَلَهُ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَعِبَارَته أَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ عَلَى رَسُولِهِ وَشُرُوطُهَا شُرُوطُ التَّشَهُّدِ وَأَنْ يَذْكُرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُظْهَرًا لَا مُضْمَرًا فَفِي الْخُطْبَةِ لَوْ قَرَأَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ أَوْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ لَمْ يَكْفِ اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِالضَّمِيرِ فِي الْخُطْبَةِ وَإِنْ تَقَدَّمَ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ صَرِيحُ قَوْلِهِ فَلَوْ قَرَأَ إلَخْ الشَّامِلِ لِلْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ.
وَجَزْمُهُ بِذَلِكَ مُشْعِرٌ بَلْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ بَحْثٍ بَلْ مِنْ جُمْلَةِ مَنْقُولِ الْمَذْهَبِ صَرِيحًا أَوْ اقْتِضَاءً وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ قَوْلُ الْخُوَارِزْمِيِّ فِي كَافِيهِ وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِنَا أَصْحَابِ الْوُجُوهِ فَرَائِضُ الْخُطْبَةِ خَمْسٌ التَّحْمِيدُ وَأَقَلُّهُ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَلُّهَا أَنْ يَقُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَذِكْرُهُ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ أَقَلُّ مَا يَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي جَامِعِهِ أَخْذًا مِنْ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ الثَّانِي الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ مُحَمَّدٍ أَوْ رَسُولِ اللَّهِ اهـ. فَأَفْهَمَ التَّقْسِيم الْمُفِيد لِلْحَصْرِ.
وَالظَّاهِرُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِالضَّمِيرِ وَإِجْزَاءُ نَحْوِ الْمَاحِي وَالْعَاقِبِ وَالْحَاشِر عُلِمَ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ بَلْ قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِبَارَة أَنَّهُ لَا يَكْفِي صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَلَمَّا كَانَتْ عِبَارَةُ أَكْثَرِهِمْ مُقْتَضِيَةً لِذَلِكَ أَيْضًا وَكَانَ الْمُصَحَّح عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ إجْزَاءَهُ أَبْرَزَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي تَوَسُّطِهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ هَلْ تُجْزِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَا أَجْزَأَ فِي التَّشَهُّدِ يُجْزِئُ هُنَا وَقَالَ فِي قُوَّتِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ النَّبِيِّ أَوْ رَسُولِ اللَّهِ كَفَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَا كَفَى مِنْهَا فِي التَّشَهُّد يُجْزِئُ هُنَا اهـ. فَأَفْهَمَ صَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْخُطْبَةِ مَقِيسَةٌ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَاب كَمَا يَأْتِي وَأَنَّ بَحْثَهُ الْإِجْزَاء هُنَا قِيَاسًا عَلَى الْإِجْزَاء بِالصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَتَى مَعَ الضَّمِيرِ بِلَفْظِ رَسُولٍ لِخِفَّةِ الْإِيهَامِ بَلْ عَدَمِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ كَأَنْ قَالَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ قَطْعًا وَلَيْسَ هُوَ مِنْ مَحَلِّ الْبَحْثِ فِي شَيْءٍ بَلْ هُوَ الْمَنْقُول صَرِيحًا أَوْ اقْتِضَاءً كَمَا قَدَّمْته.
وَلَعَلَّ شَيْخَنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا سَقَى اللَّهُ عَهْدَهُ إنَّمَا أَتَى فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِمَا تَوَهَّمَ مِنْهُ الْمُجِيبُ الثَّانِي أَنَّهُ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ كَلَامَ الْأَنْوَارِ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرْته. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ عِبَارَتَهُ عِنْدَ التَّحْقِيق لَا تَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ بَحْثٌ بَلْ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَنْ قَالَ بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ بِهِ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ وَعَلِمْت أَنَّ عَدَمَ الْإِجْزَاء هُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ الَّذِي يُرْجَعُ إلَيْهِ فَلْتَجُرَّ ذَيْلَ الْمَقَالِ عَلَى ثَرَى حُجَجِ هَؤُلَاءِ الْمُجِيبِينَ وَتَزْيِيفِهَا لِئَلَّا يَغْتَرّ بِهَا ضَعِيفُ الْعَقْلِ لِمَا أَكْثَرُوهُ مِنْ تَنْمِيقِهَا بِمَا لَا يُجْدِي عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَاسْتِحْضَارِ الْقَوَاعِد وَالْأُصُولِ فَنَقُولُ احْتِجَاجُ الْمُجِيبِ الْأَوَّلِ بِأَكْثَرِ مَا فِي خُطَبِ ابْنِ نَبَاتَةَ مُزَيَّفٌ فَإِنَّ ابْنَ نَبَاتَةَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ الَّذِينَ يُحْتَجُّ بِكَلَامِهِمْ.
وَأَمَّا ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فَكَانَ مَالِكِيًّا ثُمَّ تَشَفَّعَ فَيُحْتَمَلُ تَصْنِيفُهُ لِمَا نُقِلَ عَنْهُ وَهُوَ مَالِكِيٌّ عَلَى أَنَّهُ تَرَقَّى إلَى أَنْ يَقُولَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا لِأَدِلَّةِ مَذْهَبِهِ وَلَا قَوَاعِدِهَا وَقَوْلُهُ وَخَطَبَ بِهَا غَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاء وَصَلَّى مَعَهُ كُلُّ مَوْجُودٍ فِي كُلِّ قُطْرٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ عَلَى هَذَا مَضَى أَهْلُ الْأَعْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ هَذَا الْعُمُومِ الَّذِي لَا مُسْتَنَدَ لَهُ أَلْبَتَّةَ مَمْنُوعٌ عَلَى أَنَّهُ نَاقَضَ نَفْسَهُ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست