responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 234
عَمَّا إذَا كَانَ فِي قَرْيَةٍ مَسْجِدٌ ثُمَّ تَعَطَّلَ لِكَوْنِهِ بَعِيدًا عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَوْ لِكَوْنِ مَا حَوْلَهُ مُتَعَطِّلًا فَأَرَادُوا أَنْ يَعْمَلُوا مَسْجِدًا آخَرَ وَالْمَسْجِدُ الثَّانِي تَحْضُرُهُ الْجَمَاعَة فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ الْكَثِيرَةِ فِي الْبَلَدِ وَلَوْ صَغِيرَةً وَلَا حَجْرَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ نَعَمْ لَا يَجُوزُ تَعْدِيدُ الْجُمُعَةِ فِي بَلَدٍ إلَّا إذَا ضَاقَ مَسْجِدُهَا عَنْ أَهْلِهَا فَلَهُمْ حِينَئِذٍ بِنَاءُ مَسْجِدٍ آخَرَ وَإِقَامَةُ جُمُعَةٍ ثَانِيَةٍ فَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَسِعَهُمْ مَسْجِدُهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ بِنَاءُ مَسْجِدٍ لِأَجْلِ إقَامَةِ جُمُعَةٍ أُخْرَى فِيهِ لِامْتِنَاعِهَا حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَنْ أَدْرَكَ إمَامَ الْجُمُعَةِ فِي الثَّانِيَة. بَعْدَ أَنْ فَارَقَهُ الْقَوْمُ فِيهَا وَقُلْنَا إنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ الْجَمَاعَة فِي الثَّانِيَة فَهَلْ يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ بِصَلَاتِهِ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ فَقَطْ فَيُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الْأُولَى مَعَ أَرْبَعِينَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - بِأَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ رَكْعَةَ الْإِمَامِ الثَّانِيَة وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَة مَعَ الْإِمَامِ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَلَا نَظَرَ لِمُفَارَقَةِ الْمَأْمُومِينَ لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْعَدَدِ فِيهِمْ بَاقٍ إلَى انْقِضَاءِ الْجُمُعَةِ وَكَأَنَّهُمْ بَاقُونَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَسْأَلَةٍ وَلَمْ نَعْلَمْ الرَّاجِحَ فَأَيُّهُمَا نَعْمَلُ بِقَوْلِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْعِبْرَةُ بِمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَزَاهُ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خَيْرًا فَإِنَّهُ الْحَبْرُ الْحُجَّةُ الْمُطَّلِعُ الْمُحَرِّرُ بِاتِّفَاقِ جَمِيعِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْدَلُ عَمَّا رَجَّحَهُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ كَانَ بِالْخَلَاءِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ يَسْمَعُ الْخَطِيبَ خَارِجًا عَنْ الْمَسْجِدِ هَلْ يُعَدُّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ أَنْ يُعْتَدّ بِسَمَاعِ مَنْ بِالْخَلَاءِ وَنَحْوِهِ فَقَدْ قَالُوا لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ فَتَنْعَقِدُ بِهِمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ بِالْخَلَاءِ وَنَحْوِهِ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَتَنْعَقِدُ بِهِ.
وَكَوْنُهُ حَالَةَ السَّمَاعِ عَلَى هَيْئَةٍ تُنَافِي الصَّلَاةَ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ اشْتِرَاطِ سَمَاعِهِمْ اتِّعَاظُهُمْ بِمَا يَسْمَعُونَ فِي الْجُمْلَةِ وَهَذَا الْمَقْصُودُ حَاصِلٌ بِسَمَاعِ مَنْ بِالْخَلَاءِ وَنَحْوِهِ وَمَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ أَرْبَعِينَ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَهُ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ إقَامَتِهَا الْمَسْجِدُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلَوْ أَقَامُوهَا فِي فَضَاءٍ بَيْنَ الْعُمْرَانِ صَحَّتْ.
فَإِنْ قُلْت عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِالسَّمَاعِ وَبَعْضُهُمْ بِالْحُضُورِ وَبَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ يَجْتَمِعَانِ فِي حَاضِرٍ يَسْمَعُ. وَتَنْفَرِدُ الْأُولَى فِي حَاضِرٍ أَصَمَّ وَالثَّانِيَةُ فِي بَعِيدٍ يَسْمَعُ فَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا قُلْت هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ.
أَمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُمَا وَاحِدًا وَهُوَ السَّمَاعُ فَلَا عُمُومَ وَلَا خُصُوصَ وَقَوْلُ الشَّاشِيِّ لَا يُشْتَرَطُ السَّمَاعُ حَتَّى لَوْ كَانُوا صُمًّا كَفَى حُضُورُهُمْ شَاذٌّ مَرْدُودٌ وَإِنْ تَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الْبَيَانِ فَإِنْ قُلْت
قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْجُمُعَةِ مُبَاهَاةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِحُضُورِهِمْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ عَلَى صِفَات الْكَمَالِ فَيَخْرُجُ مَنْ بِالْخَلَاءِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِحُضُورِهِ وَلَا سَمَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صِفَةِ أَهْلِ الْكَمَالِ. قُلْت هَذَا الَّذِي قِيلَ لَا يَصِحُّ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حِكْمَةً لِأَصْلِ الِاجْتِمَاعِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَتَخْصِيصه بِخُصُوصِيَّاتٍ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدِ الْمُؤْمِنِينَ وَفِيهِ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ وَفِيهِ خُلِقَ آدَم وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ الَّتِي تَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ ذَلِكَ حِكْمَةٌ لِأَصْلِ الِاجْتِمَاعِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ جَمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْجُمُعَةُ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ إنَّ لِلْيَهُودِ يَوْمًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَلِلنَّصَارَى مِثْلُ ذَلِكَ فَهَلُمَّ فَلْنَجْعَلْ لَنَا يَوْمًا نَجْتَمِعُ فِيهِ نَذْكُرُ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى. وَنُصَلِّي وَنَشْكُرُهُ فَجَعَلُوهُ يَوْمَ الْعُرُوبَةِ وَاجْتَمَعُوا إلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَصَلَّى بِهِمْ يَوْمئِذٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَاشْتِرَاطُ حُضُورِهِمْ وَسَمَاعِهِمْ لِأَرْكَانِ الْخُطْبَةِ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 234
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست