responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 203
لِيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ مُنِعَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَزْمَان لِمَا فِي حُضُورِهِنَّ مِنْ الْمَفَاسِد الْمُحَرَّمَةِ قَالَ حُجَّةُ الْإِسْلَام فِي الْإِحْيَاءِ وَقَدْ كَانَ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنِّسَاءِ فِي حُضُورِ الْمَسَاجِد وَالصَّوَابُ الْآنَ الْمَنْعُ إلَّا الْعَجَائِز بَلْ اسْتُصْوِبَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَذَكَرَ مَا مَرَّ عَنْهَا وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَجِبُ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ حُضُورِ الْمَسَاجِد لِلصَّلَاةِ وَمَجَالِسِ الذِّكْرِ إذَا خِيفَتْ الْفِتْنَةُ بِهِنَّ فَهَذِهِ أَقَاوِيلُ الْعُلَمَاء فِي اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِيهَا بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ. وَأَهْلُ الْأَقَاوِيلِ الْمَذْكُورَةِ هُمْ جُمْهُورُ الْعُلَمَاء مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْأَئِمَّة الْمُتَّقِينَ وَالْفُقَهَاءِ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ الْمُمَهِّرِينَ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِأَقَاوِيلِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَمُ الْأُمَّةِ وَاخْتِيَارُهُمْ لَنَا خَيْرٌ مِنْ اخْتِيَارِنَا لِأَنْفُسِنَا وَمَنْ خَالَفَهُمْ فَهُوَ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ إطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ غَيْرِ مَنْ مَرَّ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُرِيدُوا كَرَاهَةَ التَّحْرِيم مَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى خُرُوجِهِنَّ خَشْيَةُ فِتْنَةٍ وَأَمَّا إذَا تَرَتَّبَ ذَلِكَ فَهُوَ حَرَامٌ بِلَا شَكٍّ كَمَا مَرَّ نَقْلُهُ عَمَّنْ ذُكِرَ وَالْمُرَادُ بِالْفِتْنَةِ الزِّنَا وَمُقَدِّمَاته مِنْ النَّظَرِ وَالْخَلْوَة وَاللَّمْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَلِذَلِكَ أَطْلَقُوا الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة بِدُونِ ذِكْرِ مُحَرَّمٍ يَقْتَرِنُ بِالْخُرُوجِ وَأَمَّا عِنْدَ اقْتِرَانِ مُحَرَّمٍ بِهِ أَوْ لُزُومِهِ لَهُ فَالصَّوَابُ الْقَطْعُ بِالتَّحْرِيمِ وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ فَقِيهٌ وَيَتَّضِحُ الْأَمْرُ بِذِكْرِ تِلْكَ الْمُحَرَّمَاتِ الْمُقْتَرِنَةِ بِالْخُرُوجِ فَمِنْهَا أَنَّ خُرُوجَهَا مُتَبَرِّجَة أَيْ: مُظْهِرَةً لِزِينَتِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِالنَّصِّ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33] وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَكُونُ فِي أُمَّتِي رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى سُرُجٍ كَأَشْبَاهِ الرِّجَالِ يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ عَلَى رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْعِجَافِ الْعَنُوهُنَّ. فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ وَفِيهِ فَإِنَّهُنَّ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا» وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَجْمُوعَ هَذِهِ الصِّفَات لَا تَحْصُلُ لِلْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي بَيْتِهَا بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا عِنْدَ حُصُولِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ فِيهَا وَخَوْفِ الِافْتِتَان بِهَا وَلِذَلِكَ شَرَطَ الْعُلَمَاء لِخُرُوجِهَا أَنْ لَا تَكُونَ بِزِينَةٍ وَلَا ذَاتَ خَلَاخِل يُسْمَعُ صَوْتُهَا فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُرَخِّصَ فِي سَبَبِ اللَّعْنِ، وَحِرْمَانُ الْجَنَّةِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَذْهَب الْقَائِلُ بِأَنَّ كُلَّ حَالَةٍ يُخَافُ مِنْهَا الِافْتِتَان حَرَامٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّبَرُّج حَرَامٌ وَمِنْهَا تَحْرِيمُ نَظَرِ الْأَجَانِب إلَيْهَا وَنَظَرِهَا إلَيْهِمْ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَمِنْهَا مُزَاحَمَةُ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ «سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنِّسَاءِ اسْتَأْخَرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تُحَفِّفْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ» قَالَ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تُلْصَقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى أَنَّ ثَوْبَهَا لَيَعْلَقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ فَهَذِهِ الْأَحَادِيث دَالَّةٌ عَلَى مَنْعِ الْمُزَاحَمَة بَيْنَ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْمَرْأَةِ.
انْتَهَى كَلَامُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مُلَخَّصًا وَمَا أَحْسَنَهُ وَأَحَقَّهُ بِالصَّوَابِ وَفِي الْأَنْوَارِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْجِهَادِ الْمُنْكَرَاتُ الْمَأْلُوفَةُ أَنْوَاعٌ؛ الْأَوَّلُ مُنْكَرَاتُ الْمَسَاجِد، قَالَ وَلَوْ كَانَ الْوَاعِظُ شَابًّا مُتَزَيِّنًا كَثِيرَ الْأَشْعَار وَالْحَرَكَات وَالْإِشَارَاتِ وَقَدْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ النِّسَاءُ وَجَبَ الْمَنْعُ فَإِنَّ فَسَادَهُ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاحِهِ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَلَّمَ الْوَعْظُ إلَّا لِمَنْ ظَاهِرُهُ الْوَرَعُ وَهَيْئَتُهُ السَّكِينَة وَالْوَقَارُ وَزِيُّهُ زِيُّ الصَّالِحِينَ وَإِلَّا فَلَا يَزْدَادُ النَّاسُ بِهِ إلَّا تَمَادِيًا فِي الضَّلَالِ فَيَجِبُ أَنْ يُضْرَبَ بَيْنَ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءِ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ النَّظَرِ فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ الْفَسَادِ. وَيَجِبُ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ حُضُورِ الْمَسَاجِد لِلصَّلَاةِ وَلِمَجَالِس الذِّكْرِ إذَا خِيفَتْ الْفِتْنَةُ اهـ. فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ صَرِيحًا أَيْضًا فِيمَا قَدَّمْته وَفِي الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلِأَنَّهَا أَيْ: الْمَرْأَةُ لَا تَخْتَلِطُ بِالرِّجَالِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ صَرِيحًا فِي حُرْمَةِ الِاخْتِلَاط وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا مَرَّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْحِصْنِيِّ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست