responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 201
ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ عَنْهَا «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ إذْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مُزَيَّنَةٌ تَرْفُلُ فِي زِينَةٍ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْهَوْا نِسَاءَكُمْ عَنْ لِبْسِ الزِّينَةِ وَالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى لَبِسَ نِسَاؤُهُمْ الزِّينَةَ وَتَبَخْتَرُوا فِي الْمَسَاجِدِ» قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِتَحْرِيمِ الْفِعْلِ لِتَرَتُّبِ اللَّعْنِ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَخْرُجُ إلَّا كَذَلِكَ مُنِعَتْ اهـ وَاعْتَذَرَ فِي الْإِحْيَاءِ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ أَوْلَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَمَّا ذَكَرَ حَدِيثَ لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ بَلَى وَاَللَّهِ لَنَمْنَعَهُنَّ فَضَرَبَ صَدْرَهُ وَغَضِبَ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِنَّمَا اسْتَجْرَأَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لِعِلْمِهِ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَإِنَّمَا غَضِبَ عَلَيْهِ لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ بِالْمُخَالَفَةِ ظَاهِرًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ اهـ فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ صَرِيحًا فِي اعْتِمَادِ مَا مَرَّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي تَمَسُّكِ بَعْضِهِمْ فِي مَنْعِ النِّسَاءِ مُطْلَقًا بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَغَيُّرُ الْحُكْمِ لِأَنَّهَا عَلَّقَتْهُ عَلَى شَرْطٍ لَمْ يُوجَدْ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ ظَنَّتْهُ فَقَالَتْ لَوْ رَأَى لَمَنَعَ فَيُقَالُ عَلَيْهِ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَمْنَعْ فَاسْتَمَرَّ الْحُكْمُ حَتَّى أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تُصَرِّحْ بِالْمَنْعِ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهَا يُشْعِرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَرَى الْمَنْعَ.
وَأَيْضًا فَقَدْ عَلِمَ سُبْحَانَهُ مَا سَيُحْدِثْنَ فَمَا أَوْحَى إلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْعِهِنَّ وَلَوْ كَانَ مَا أَحْدَثْنَ يَسْتَلْزِمُ مَنْعَهُنَّ مِنْ الْمَسَاجِدِ لَكَانَ مَنْعُهُنَّ مِنْ غَيْرِهَا أَوْلَى وَأَيْضًا فَالْإِحْدَاثُ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ بَعْضِ النِّسَاءِ لَا مِنْ جَمِيعِهِنَّ فَإِنْ تَعَيَّنَ الْمَنْعُ فَلْيَكُنْ لِمَنْ أَحْدَثَتْ وَالْأَوْلَى أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا يُخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةُ فَلْيَجْتَنِبْ لِإِشَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى ذَلِكَ بِمَنْعِ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ وَكَذَا التَّقَيُّد بِاللَّيْلِ كَمَا سَبَقَ اهـ. فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ إنَّمَا سَاقَهُ هَذَا كُلَّهُ رَدًّا عَلَى مَنْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ عَائِشَةَ مَنْعَ النِّسَاءِ مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ فُرِضَ دَلَالَةُ كَلَامِهَا عَلَى ذَلِكَ. فَصَرِيحُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة يُخَالِفُ ذَلِكَ فَتَعَيَّنَ الرَّدُّ عَلَى مَنْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِهَا مَنْعَ النِّسَاءِ مِنْ الْمَسَاجِدِ مُطْلَقًا إذْ لَا مَعْنَى لِمَنْعِ عَجُوزٍ هَرِمَةٍ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَّقَتْهُ عَلَى شَرْطٍ لَمْ يُوجَدْ إلَخْ أَيْ: إنْ فَهِمْت أَيُّهَا الْقَائِلُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهَا فَالشَّرْطُ لَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ النِّسَاءَ كُلَّهُنَّ لَمْ يُحْدِثْنَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَالْإِحْدَاثُ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ بَعْضِ النِّسَاءِ وَلَمْ يَرِدْ رَدُّ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهَا مِنْ مَنْعِ مَنْ أَحْدَثَ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِاعْتِمَادِهِ فِي آخِرِ كَلَامِهِ كَمَا عَلِمْت وَمَعْنَى قَوْلِهِ كَلَامُهَا يُشْعِرُ بِالْمَنْعِ أَيْ: مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى النِّسَاءِ الَّذِي هُوَ مُحَلَّى بِاللَّامِ الْمُفِيدَةِ لِلْعُمُومِ. وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا لَهَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَكَانَ مَنْعُهُنَّ مِنْ غَيْرِهَا أَوْلَى أَيْ: عِنْدَك أَيُّهَا الْقَائِلُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا مِنْ الْمَسَاجِدِ دُونَ غَيْرِهَا أَيْ: وَهَذَا تَحَكُّمٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ مِنْ الْأَسْوَاق وَنَحْوِهَا أَوْلَى بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا لِمَا هُوَ جَلِيٌّ فَكَيْفَ لَا يَقُولُ بِالْمَنْعِ فِيهِ مُطْلَقًا وَيَقُولُ بِذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا بَيَّنْت مُرَادَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِهِ غَيْرَ الْمُرَادِ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يُجْدِي وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْته مِنْ وُجُوبِ الْمَنْعِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ وَاعْتِمَادِ كَلَامِ عَائِشَة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاء فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الْمَأْلُوفَةِ وَيَجِبُ أَنْ يُضْرَبَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ النَّظَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْضًا مَظِنَّةُ الْفَسَادِ وَيَجِبُ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ حُضُورِ الْمَسَاجِد لِلصَّلَاةِ وَلِمَجَالِس الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ إذَا خِيفَتْ الْفِتْنَةُ بِهِنَّ فَقَدْ مَنَعَتْهُنَّ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَقِيلَ لَهَا إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا مَنَعَهُنَّ مِنْ الْجَمَاعَاتِ فَقَالَتْ لَوْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَحْدَثْنَ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ اهـ
وَيُوَافِقهُ قَوْلُ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِنَا صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَتْ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ صَلَاةَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فَإِذَا كَانَتْ أَفْضَلَ فَاَلَّذِي يُخْرِجُهَا مِنْ بَيْتِهَا إمَّا الرِّيَاءُ أَوْ السُّمْعَةُ وَهُوَ حَرَامٌ وَإِمَّا لِغَرَضٍ آخَرَ مِنْ أَغْرَاضِ النَّفْسِ مِنْ تَفَرُّجٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُخْرِجٌ لِلْعَمَلِ عَنْ الْإِخْلَاص وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ أَوْ يَأْذَنَ فِي تَرْكِ الْإِخْلَاص اهـ وَفِي بَعْضِ مَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ دِرَايَةٌ بِالْمَذْهَبِ وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ جَمَاعَةَ الْكَبِيرِ وَمِنْ أَكْبَرِ الْمُنْكَرَاتِ مَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْعَوَامّ فِي الطَّوَافِ مِنْ مُزَاحَمَةِ الرِّجَالِ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست