responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 199
السُّجُودُ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ سُومِحَ فِيهِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ، وَالْإِمَامُ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ فَيَسْجُدُ لَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَيَدُلُّ لِمَا قُلْته مِنْ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ وَمُخَالَفَتِهِ قَوْلَهُمْ: لَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ بِوُصُولِهَا سَفَرُ الشَّافِعِيِّ فَقَطْ وَجَازَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَنَفِيِّ مَعَ اعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ لِقَصْرِهِ فِي الْحَضَرِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي اعْتِبَارِ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ وَاجِبًا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ. فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالسُّجُودُ فِي الْجُمْلَةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ لَا يَضُرُّ اعْتِقَادُ الْمُخَالِفِ حَيْثُ أَتَى بِصُورَةِ الْوَاجِبِ كَوْنُهُ نَفْلًا بِخِلَافِ الْإِمَامِ الْمُوَافِقِ لِعِلْمِ الْمَأْمُومِ بِبُطْلَانِهَا عِنْدَهُمَا.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ عَمَّنْ سَجَدَ إمَامُهُ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَهُوَ نَاسٍ فَذَكَرَ بَعْدَ مَا رَفَعَ الْإِمَامُ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَهْوِيَ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي الْإِمَامُ فِيهِ أَمْ لَا؟ .
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُهُ هُوِيٌّ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْهُوِيَّ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ تَابِعٌ لِلسُّجُودِ فَحَيْثُ سَقَطَ عَنْهُ السُّجُودُ سَقَطَ عَنْ تَابِعِهِ.

[كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ سَوَاءٌ أَكَانَ بِهِ خَلَلٌ مِنْ نَحْوِ سَارِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِلًا بِالصُّفُوفِ أَمْ لَا فَإِنَّ بَعْضَ مَشَايِخِ الْيَمَنِ يَقُولُ: الْمُرَادُ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ هُوَ السَّالِمُ مِنْ الْخَلَلِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا، وَلَوْ كَانَ الصَّفَّ الْأَخِيرَ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّل هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ وَإِنْ تَخَلَّلَهُ مِنْبَرٌ أَوْ مَقْصُورَةٌ أَوْ أَعْمِدَةٌ أَوْ غَيْرُهَا سَوَاءٌ جَاءَ صَاحِبُهُ مُتَقَدِّمًا أَمْ مُتَأَخِّرًا وَقِيلَ الْأَوَّلُ مَا لَمْ يَتَخَلَّلْهُ شَيْءٌ وَإِنْ تَأَخَّرَ وَقِيلَ هُوَ مَنْ جَاءَ أَوَّلًا، وَإِنْ صَلَّى فِي صَفٍّ مُتَأَخِّرٍ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَهَذَانِ غَلَطٌ صَرِيحٌ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا فِي السُّؤَالِ عَنْ بَعْضِ الْيَمَنِيِّينَ غَلَطٌ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَغْتَرَّ بِهِ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَدْ كَثُرَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ خُرُوجُ النِّسَاءِ إلَى الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ لِسَمَاعِ الْوَعْظِ وَلِلطَّوَافِ وَنَحْوِهِ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ عَلَى هَيْئَاتٍ غَرِيبَةٍ تَجْلِبُ إلَى الِافْتِتَانِ بِهِنَّ قَطْعًا، وَذَلِكَ أَنَّهُنَّ يَتَزَيَّنَّ فِي خُرُوجِهِنَّ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُهُنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الزِّينَةِ وَالْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ كَالْخَلَاخِيلِ وَالْأَسْوِرَةِ وَالذَّهَبِ الَّتِي تُرَى فِي أَيْدِيهِنَّ وَمَزِيدِ الْبَخُورِ وَالطَّيِّبِ وَمَعَ ذَلِكَ يَكْشِفْنَ كَثِيرًا مِنْ بَدَنِهِنَّ كَوُجُوهِهِنَّ وَأَيْدِيهِنَّ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَتَبَخْتَرْنَ فِي مِشْيَتِهِنَّ بِمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِنَّ قَصْدًا أَوْ لَا عَنْ قَصْدٍ.
فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُهُنَّ وَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْوِلَايَاتِ وَالْقُدْرَةِ حَتَّى مِنْ الْمَسَاجِدِ وَحَتَّى مِنْ مَسْجِدِ مَكَّةَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُنَّ الْإِتْيَانُ بِالطَّوَافِ خَارِجَهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ وَمَا الَّذِي يَتَلَخَّصُ فِي ذَلِكَ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ الْمُوَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ أَوْضِحُوا الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَفْسَدَةَ بِهِنَّ قَدْ عَمَّتْ، وَطُرُقُ الْخَيْرِ عَلَى الْمُتَعَبِّدِينَ وَالْمُتَدَيَّنِينَ قَدْ انْسَدَّتْ أَثَابَكُمْ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ جَزِيلَ الْمِنَّةِ وَرَقَّاكُمْ إلَى أَعْلَى غُرَفِ الْجَنَّةِ آمِينَ.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ يَسْتَدْعِي طُولًا وَبَسْطًا لَا يَلِيقُ لَا بِتَصْنِيفٍ مُسْتَقِلٍّ. فِي الْمَسْأَلَةِ، وَحَاصِلُ مَذْهَبِنَا أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ سَافِرَةَ الْوَجْهِ وَعَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ وَاعْتُرِضَ بِنَقْلِ الْقَاضِي عِيَاضٍ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَنْعِهَا مِنْ ذَلِكَ.
وَأَجَابَ الْمُحَقِّقُونَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْإِجْمَاعَيْنِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ لَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَاتِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْغَيْرِ وَالثَّانِي بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَنَحْوِهِ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ ذَلِكَ خَشْيَةَ افْتِتَانِ النَّاسِ بِهِنَّ.
وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ مَنْعَ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ مُطْلَقًا إذَا فَعَلْنَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِمَّا يَجُرُّ إلَى الِافْتِتَانِ بِهِنَّ انْجِرَارًا قَوِيًّا. عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَقْصِدْ كَشْفَهُ لِيُرَى أَوْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ أَحَدًا يَرَاهُ أَمَّا إذَا كَشَفَتْهُ لِيُرَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا قَصَدَتْ التَّسَبُّبَ فِي وُقُوعِ الْمَعْصِيَةِ وَكَذَا لَوْ عَلِمَتْ أَنَّ أَحَدًا يَرَاهُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ، وَإِلَّا كَانَتْ مُعِينَةً لَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِدَوَامِ كَشْفِهِ الَّذِي هِيَ قَادِرَةٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ وَقَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست