responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 198
وَالثَّلَاثُ الْمَفْصُولَةُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ الْفَصْلُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ التَّقَابُلِ لَا شَكَّ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْأُولَى أَكْثَرُ ثَوَابًا، وَمُجَرَّدُ التَّفَاوُتِ فِي مُوَافَقَةِ الْأَكْثَرِ لَا تَقْتَضِي أَنْ يَعْدِلَ زِيَادَةَ الرَّكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا هُوَ مُوَافِقٌ لِلِاتِّبَاعِ كَصَلَاةِ الضُّحَى ثَمَانِيًا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَكْثَرِ الَّذِي لَا يُوَافِقُهُ كَصَلَاتِهَا اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّ فِي زِيَادَةِ الِاتِّبَاعِ مَا يَرْبُو عَلَى زِيَادَةِ الْعَمَلِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَدْ يَكُونُ قَلِيلُ الْعَمَلِ الْبَدَنِيِّ وَخَفِيفُهُ أَفْضَلَ مِنْ كَثِيرِهِ وَثَقِيلِهِ كَتَفْضِيلِ الْقَصْرِ عَلَى الْإِتْمَامِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا الْوُسْطَى، وَلَوْ كَانَ الثَّوَابُ عَلَى قَدْرِ التَّعَبِ لَمَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَلَمَا فُضِّلَتْ رَكْعَةُ الْوِتْرِ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ اهـ.
وَقَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ: لَا يَصِحُّ الْإِيتَارُ بِالثَّلَاثِ الْمَوْصُولَةِ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ الْعَالِمِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وِتْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُعَيِّنُ الثَّلَاثَ الْمَوْصُولَةَ وَيُبْطِلُ مَا عَدَاهَا مِنْ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ الْمَفْصُولِ وَالْمَوْصُولِ، وَالْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ يُبْطِلُونَ مَا عَيَّنَهُ وَبِمَا قَرَّرْته عُلِمَ أَنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ مِنْ تَسَاوِي الْكُلِّ فِي الْفَضْلِ غَيْرُ مُرَادٍ.
وَإِنَّمَا الْمُرَادُ التَّسَاوِي فِي الْجَوَازِ، وَعَلَيْهِ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ بَلْ هُوَ مَدْلُولُهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْهُ.

[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ قِرَاءَةُ آيَةِ السَّجْدَةِ أَوْ سَمَاعُهَا هَلْ الْمَشْرُوعُ حِينَئِذٍ سَجْدَةٌ أَوْ سَجْدَتَانِ مِنْ الْقَارِئِ وَغَيْرِهِ أَوْ لَا فَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِلشَّيْخِ زَكَرِيَّا وَالْخَادِمِ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ تَفَضَّلُوا بِبَيَانِ الْمُعْتَمَدِ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ وَفَسَّحَ فِي مُدَّتِهِ: أَمَّا الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ تَحْرِيرِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْخَادِمِ فَوَجَدْتنِي ذَكَرْت فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الرَّوْضِ حَاصِلَ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ مَتْنِهِ وَشَرْحِهِ فِي ذَلِكَ وَيَتَكَرَّرُ السُّجُودِ بِسَمَاعِ آيَةٍ وَقِرَاءَتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْخَادِمِ اعْتَمَدَ ذَلِكَ، وَكَذَا بِقِرَاءَةٍ أُخْرَى وَبِتَكَرُّرِ قِرَاءَةِ آيَةٍ. وَلَوْ كَانَ تَكْرِيرُهَا بِصَلَاةٍ فِي رَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ أَقَرُبَ الْفَصْلُ، أَوْ طَالَ اتَّحَدَ الْمَكَانُ أَوْ اخْتَلَفَ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَيَانِ وَالْمَجْمُوعِ لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ بَعْدَ تَوْفِيَةِ حُكْمِ الْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ يُكَرِّرُهَا لِلْحِفْظِ فَيَكْفِيه مَرَّةٌ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَحِفْظِهِ وَمَنْ يُكَرِّرُهَا لِلتَّدَبُّرِ وَالْإِيمَانِ فَيُعِيدُهُ اهـ وَهُوَ قَرِيبٌ لَكِنْ كَلَامُهُمْ يُخَالِفُهُ فَلَا فَرْقَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْجُدَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ إلَّا مَرَّةً وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ كَثْرَةِ الْجَمْعِ وَالْحَوَائِلِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ وَالتَّطْوِيلِ وَالِابْتِدَاعِ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِي السِّرِّيَّةِ اهـ. وَوَاضِحٌ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ سَنِّ التَّكْرِيرِ بَلْ السُّجُودِ إذَا أَمِنَ التَّشْوِيشَ وَإِلَّا لَمْ يُسَنَّ السُّجُودُ فَأَوْلَى التَّكْرِيرُ وَأَمَّا الْحُرْمَةُ فَلَا وَجْهَ لَهَا لِأَنَّهُمْ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُفَارِقُوهُ وَكَفَى لِلْكُلِّ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ شَيْخُنَا زَكَرِيَّا فِي شَرْحِهِ لِلْأَصْلِ، وَهُوَ الرَّوْضُ: وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِكَفَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّدُهَا وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَبِمُقْتَضَى هَذَا النَّظَرِ أَخَذَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْإِرْشَادِ فَجَزَمَ كَالْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَسْجُدُ إلَّا سَجْدَةً وَاحِدَةً، وَهَذَا مِنْهُمْ غَفْلَةٌ عَمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ طَافَ أَسَابِيعَ، وَلَمْ يُصَلِّ عَقِبَ كُلِّ سُنَّةٍ سُنَّ فَضْلًا عَنْ الْجَوَازِ أَنْ يُوَالِيَ رَكَعَاتِهَا كَمَا وَالَاهَا. فَكَذَا يُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا وَبِهَذَا يُعْلَمُ الرَّاجِحُ مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ وَهَلْ الْمَشْرُوعُ سَجَدَاتٌ وَتَرْجِعُ إلَى وَاحِدَةٍ أَوْ لَا تُشْرَعُ إلَّا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ فِيهِ احْتِمَالَانِ اهـ فَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ أَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى وَاحِدَةٍ أَنَّهُ يُكْتَفَى مِنْهُ بِهَا لَا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ غَيْرُهَا وَإِلَّا كَانَ هُوَ الثَّانِي ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْأَصْلِ أَيْ ابْنَ الْمُقْرِي مَشَى عَلَى مَا رَجَّحْته أَوَّلًا انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَبِهَا يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ السَّائِلِ وَفَّقَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - هَلْ الْمَشْرُوعُ إلَخْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ بِمَا لَفْظُهُ سَجَدَ إمَامُهُ الْحَنَفِيِّ لِلشُّكْرِ فِي الصَّلَاةِ فَهَلْ إذَا لَمْ يُتَابِعْهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِانْتِظَارِهِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ صَدَرَ مِنْهُ وَقَدْ نَزَلَ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ فَيَحْمِلُهُ إمَامُهُ بَلْ يَسْجُدُ لِسُجُودِ إمَامِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّهْوِ إذَا كَانَ الْقِيَاسُ وُجُوبَ الْمُفَارَقَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَتِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست