responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 175
بِالِاسْتِحْبَابِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، فَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ كَخُطْوَتَيْنِ إنَّمَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مَقْصُودَةٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَبَثٌ، وَالْفِعْلُ الْخَفِيفُ؛ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ بِسُبْحَةٍ أَوْ عَدِّ فِعْلِهِ بِلَا حَاجَةٍ لِذَلِكَ - خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَبَثَ فِي الْقَلِيلِ أَفْحَشُ؛ لِأَنَّ كَثِيرَهُ مُبْطِلٌ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ أَنَّهُ: لَوْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ كُرِهَ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى رَدِّهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا صُورَتُهُ: عَمَّرَ إنْسَانٌ مَسْجِدًا وَلَمْ يُوقِفْ آلَتَهُ فَهَلْ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ؟ وَلَوْ الْتَمَسَ مِنْ النَّاسِ آلَةً لِبِنَاءِ مَسْجِدٍ فَهَلْ يَصِيرُ مَسْجِدًا بِنَفْسِ الْبِنَاءِ؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: قَالَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ: إنَّ الْآلَةَ فِي الْأُولَى عَارِيَّةٌ يَرْجِعُ فِيهَا مَتَى شَاءَ، وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ فِي الثَّانِيَةِ: إنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى إنْشَاءِ وَقْفٍ؛ كَمَا لَوْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا فَإِنَّهَا تَصِيرُ مَسْجِدًا بِالنِّيَّةِ، وَمَا ذُكِرَ عَنْ الْبَحْرِ مُتَّجِهٌ، وَأَمَّا كَلَامُ الْعَبَّادِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ فِي الْوَقْفِ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا فَقَطْ؛ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ فِي مَسْأَلَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْآلَةَ إمَّا عَلَى مِلْكِ مُعْطِيهَا أَوْ آخِذِهَا، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا بُدَّ مِنْ تَلَفُّظِ مَالِكِهَا بِالْوَقْفِ، وَإِلَّا فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ.
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيُشْكِلُ عَلَى الْعَبَّادِيِّ مَا فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ أَنَّ مُرِيدَ الصُّوفِيَّةِ إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَسْأَلَ فَيُعْطَى؛ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ يُوصِلُهُ لَهُمْ مِلْكُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَا يُشَارِكُونَهُ فِيهِ، قَالَ: وَقِيَاسُهُ مِلْكُ هَذَا؛ لِمَا أَخَذَهُ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ دَافِعَ الْآلَاتِ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا جُمْلَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَنْتَفِعُ بِالْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ، وَأَيْضًا فَمُلْتَمِسُ الْآلَاتِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَبْنِي بِهَا مَسْجِدًا فَأُعْطِيَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ، وَزَعِيمُ الصُّوفِيَّةِ لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ.
نَعَمْ، إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ خَاصَّةٌ عَلَى قَصْدِ الْمَالِكِ لَهُ وَلَهُمْ أَوْ قَالَ الْمَالِكُ: نَوَيْت ذَلِكَ - اشْتَرَكُوا فِيهِ؛ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ: لَوْ أُعْطِيَ دَنِسُ الثِّيَابِ صَابُونًا لِغَسْلِهَا تَعَيَّنَ لَهَا، وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ فِي الشَّهَادَاتِ: لَهُ الصَّرْفُ فِيمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى قَصْدِ الْمَالِكِ التَّصَرُّفَ فِي غَسْلِ الثِّيَابِ لَا غَيْرُ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ تَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ يَجُوزُ رَمْيُ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ حَيَّةً وَمَيْتَةً، وَقَتْلُهَا فِي الصَّلَاةِ؟ وَمَنْ وَقَعَ مِنْهُ خَبَثٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِيهِ هَلْ يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ؟ وَإِذَا وَقَعَ وَنِيمُ الذُّبَابِ عَلَى الْوَرَقِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ؟ وَإِذَا كَانَ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ دَمُ بَرَاغِيثَ لَمْ يَزُلْ بِالْمَاءِ وَلَا يَمْنَعُ وُصُولَهُ الْبَشَرَةَ هَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ وَيَجِبُ غَسْلُ الدَّمِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لَا يَجُوزُ رَمْيُ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ مَيْتَةً، وَرَمْيُهَا فِيهِ حَيَّةً خِلَافُ الْأَوْلَى، خِلَافًا لِجَمْعٍ؛ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْعِمَادِ، وَيَجُوزُ قَتْلُهَا فِي الصَّلَاةِ؛ حَيْثُ لَمْ يَلْزَم مِنْهُ إمْسَاكُ جِلْدِهَا فِيهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَمَنْ وَقَعَ مِنْهُ خَبَثٌ فِي الْمَسْجِدِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَطْهِيرُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ، وَكَذَا إنْ رَآهُ فِيهِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ. وَيُعْفَى عَنْ الْوَنِيمِ الْمَذْكُورِ. وَيَصِحُّ الْوُضُوءُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَيُعْفَى عَنْ اخْتِلَاطِ مَائِهِ بِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ بِاللَّبِنِ الْمَعْجُونِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِنْ قَوْلِهِ: (بِنَاءُ الْمَسْجِدِ) يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ بَنَى بِهِ ثُمَّ وَقَفَهُ مَسْجِدًا لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدِيَّةَ تَأَخَّرَتْ عَنْ الْبِنَاءِ وَهُوَ مُتَّجِهُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ مِنْ أَنْ تُنْشَدَ الضَّالَّةُ فِي الْمَسْجِدِ هَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا ضَلَّ مِنْ الْمَسْجِدِ؟ أَوْ هُوَ عَامٌّ فِيمَا ضَلَّ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: هُوَ عَامٌّ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ أَنَّهُ مُنَافٍ لِوَضْعِ الْمَسْجِدِ؛ سَوَاءٌ كَانَ الْإِضْلَالُ فِيهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ، وَلِكَوْنِ الْعِلَّةِ ذَلِكَ نُدِبَ أَنْ يُقَالَ لَهُ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ عَلِمَ بِنَجَاسَةٍ بِمَسْجِدٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُ النَّاسِ بِهَا أَوْ مَنْ قَصَدَ مَكَانَهَا فَقَطْ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: يَجِبُ عَلَيْهِ هُوَ إزَالَتُهَا فَوْرًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ النَّاسُ بِهَا، وَعِبَارَتِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ:

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 175
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست