responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 173
مِنْهَا زَيْدٌ مُرَادَهُ بِلَا قَصْدٍ فَثَبَتَ لَهُ مَعَ الْإِطْلَاقِ حُكْمُ كَلَامِ الْآدَمِيِّ فَأُبْطِلَ هُنَا، وَأُبِيحَ لِلْجُنُبِ، وَحَنِثَ بِهِ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ.
وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ عُذْرَ عَامِّيٍّ جَهِلَ الْإِبْطَالَ بِالْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ، وَلَوْ مَعَ قَصْدِ الْإِعْلَامِ فَقَطْ، ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَمَا بَحَثَهُ غَيْرُ بَعِيدٍ؛ لِمَا وَرَدَ فِي التَّنَحْنُحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ الْقُرْآنَ أَوْ الذِّكْرَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ التَّنْبِيهِ فَلَا تَبْطُلُ؛ سَوَاءٌ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهَا أَمْ أَنْشَأَهَا حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، قَالَ: لِعُمُومِ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ السَّابِقِ، وَعِبَارَتُهُمَا - أَعْنِي مَتْنَ الْعُبَابِ وَشَرْحِي لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ -: (لَا إنْ فَتَحَ) الْمَأْمُومُ مَثَلًا (عَلَى مَنْ) أَيْ إمَامٍ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ (أُرْتِجَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ تَخْفِيفِ الْجِيمِ، وَتَشْدِيدُهَا قَلِيلٌ لَا لَحْنٌ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ؛ فَقَدْ نَقَلَهَا ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ عَنْ الْمُبَرِّدِ؛ أَيْ أُغْلِقَ (عَلَيْهِ الْقُرْآنُ أَوْ نَبَّهَ نَاسِيًا لِذِكْرِ) آخِرِ كَلِمَةٍ فِي التَّشَهُّدِ (أَوْ جَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ أَوْ بِالتَّسْمِيعِ) أَيْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَلَوْ لِمَحْضِ الْإِعْلَامِ؛ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيّ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانَ يُلَقِّنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الصَّلَاةِ وَاحْتَجَّ لَهُ ابْنُ الْمُقْرِي بِمَا يَأْتِي مَعَ رَدِّهِ.
وَزَعَمَ الدَّمِيرِيُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْفَتْحِ، وَنُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا مَرَّ، قَالَ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا؛ حَيْثُ قَالَ: لَوْ صَلَّى حَالِفٌ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا خَلْفَهُ فَفَتَحَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةً فُهِمَ مِنْهَا مَقْصُودُهُ - لَمْ يَحْنَثْ إنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَإِلَّا حَنِثَ اهـ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ. أَمَّا نَفْيُهُ الْخِلَافَ فِيهِ فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِمَا عَلِمْت وَسَتَعْلَمُهُ. وَأَمَّا مَا قَالَاهُ فِي الْأَيْمَانِ فَمَحْمُولٌ كَقَوْلِ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ وَقَصَدَ إعْلَامَ النَّاسِ لَمْ تَبْطُلْ؛ عَلَى مَا قَرَّرَاهُ هُنَا مِنْ التَّفْصِيلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْته عَنْهُمَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّنْبِيهِ. وَقَدْ اعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ - حَتَّى الْفَتْحِ عَلَى إمَامِهِ - التَّفْصِيلَ السَّابِقَ فِيمَا لَوْ أُعْلِمَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ، وَبِهِ - أَعْنِي الْفَتْحَ - صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ أَدْرَجَهُ مَعَ مَا مَرَّ فِيمَنْ أُعْلِمَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ، وَاسْتَدَلَّ لِلْإِطْلَاقِ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ بِمَا قَدَّمْته عَنْهُ؛ فَإِنْ قَصَدَ الْقُرْآنَ أَوْ الذِّكْرَ أَوْ التَّكْبِيرَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ قَصْدِ الْفَتْحِ أَوْ التَّبْلِيغِ - لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ قَصَدَ أَحَدَ هَذَيْنِ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمَا أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ يَجْرِي، وَلَوْ فِيمَا لَا يَصْلُحُ لِتَخَاطُبِ النَّاسِ بِهِ؛ مِنْ نَظْمِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ؛ إذْ الْقَصْدُ مِنْ الصَّلَاةِ الْخُضُوعُ لِلْحَقِّ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وَمُنَاجَاتُهُ بِتِلَاوَةِ كِتَابِهِ وَذِكْرُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْخَاصِّ الْمَشْرُوعِ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ: «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» . فَقَصْدُ التَّنْبِيهِ أَوْ الْفَتْحِ أَوْ التَّبْلِيغِ مَعَ قَصْدِ الذِّكْرِ تَابِعٌ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ، بِخِلَافِ قَصْدِ مُجَرَّدِ التَّنْبِيهِ مَثَلًا؛ لِصَرْفِهِ الْقُرْآنَ أَوْ الذِّكْرَ عَنْ مَقْصُودِ الصَّلَاةِ الْأَصْلِيِّ إلَى مَعْنَى مَا يُتَخَاطَبُ بِهِ، فَأَشْبَهَ كَلَامَ النَّاسِ فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ تَعْلِيلُهُمْ؛ إذْ (سُبْحَانَ اللَّهِ) مَثَلًا بِمَعْنَى تَنَبَّهْ، (وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) بِمَعْنَى رَكَعَ الْإِمَامُ، وَكَذَا إذَا قَصَدَ الْفَتْحَ فَقَطْ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِلْإِمَامِ: الَّذِي نَسِيتَهُ كَذَا، وَصَوَابُ التِّلَاوَةِ كَذَا.
فَأَشْبَهَ كَلَامَ النَّاسِ، فَانْدَفَعَ بِهَذَا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الْمُتَّجِهُ اخْتِصَاصُ التَّفْصِيلِ بِمَا يَصْلُحُ لِتَخَاطُبِ النَّاسِ بِهِ؛ مِنْ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ نَحْوُ (سُبْحَانَ اللَّهِ) وَإِنْ تَجَرَّدَ لِقَصْدِ الْإِفْهَامِ. كَمَا صَرَّحَ بِهَذَا التَّخْصِيصِ الْمَاوَرْدِيُّ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُهَذَّبِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا تَعْلِيلُهُمْ الْبُطْلَانَ فِي نَحْوِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: 46] بِأَنَّهُ يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ اهـ وَانْدَفَعَ بِهِ أَيْضًا تَأْيِيدُ ابْنِ الْمُقْرِي لِمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ بِقَوْلِ الشَّامِلِ: إذَا أَفْهَمَ الْآدَمِيِّينَ بِالتَّسْبِيحِ وَالْقُرْآنِ لَمْ تَبْطُلْ، وَبِتَعْلِيلِهِمْ الْبُطْلَانَ فِي {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: 46] بِأَنَّهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ وَإِنْ وَافَقَ نَظْمَ الْقُرْآنِ، قَالَ: وَاَلَّذِي يَفْتَحُ لَمْ يَنْطِقْ بِكَلَامِنَا وَلَا قَصَدَهُ، وَبِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا عَلَى مَنْ سَبَّحَ لِمَا نَابَهُ، وَلَا عَلَى إمَامٍ جَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ بِنِيَّةِ الذِّكْرِ أَوْ التَّكْبِيرِ؛ مَعَ أَنَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْفَاتِحِ؛ لِقَصْدِهِ بِالْقُرْآنِ تَفْهِيمَ الْقُرْآنِ، بِخِلَافِ هَذَا، وَبِأَنَّهُ سُنَّةٌ فَكَيْفَ تَبْطُلُ وَكَيْفَ يَنْوِي بِفِعْلِهَا غَيْرَهَا؟ وَبِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِالنَّذْرِ وَنَحْوِهِ؛ لِتَضَمُّنِهِ الْقُرْبَةَ، وَإِنْ كَانَ صَرِيحَ كَلَامِنَا فَكَيْفَ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ أَتَى بِكَلَامِ اللَّهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ وَامْتِثَالِ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست