responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 165
الْإِكْرَاهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَوَجَدَهَا حَائِضًا لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ اهـ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَحَلَّ تَنْزِيلِ إيجَابِ الشَّرْعِ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ إذَا كَانَ لَا يَجِدُ مَنْدُوحَةً كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي نُظِرَ بِهَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً عَنْ تَعَمُّدِ النَّزْعِ بِرَفْعِ أَمْرِهِ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ بِالنَّزْعِ مِنْهُ وَهُوَ غَافِلٌ.
نَعَمْ، إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَلَا مَنْ يَنْزِعُهُ وَهُوَ غَافِلٌ اتَّضَحَ حِينَئِذٍ مَا بَحَثَهُ، قُلْت: قَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ وَالْحَشْوِ الْمُنْظَرِ بِهَا بِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ، فَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا، فَلَوْ رُوعِيَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا؛ لَتَعَذَّرَ قَضَاءُ الصَّوْمِ لِلْحَشْوِ؛ وَلِأَنَّ الْمَحْذُورَ فِيهَا لَا يَنْتَفِي بِالْكُلِّيَّةِ - فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ، وَهِيَ حَامِلَتُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلَك أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ وَمَسْأَلَةِ النُّخَامَةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عُهِدَ فِيهَا اغْتِفَارُ الْكَلَامِ الْقَلِيلِ، وَلَوْ مَعَ التَّعَمُّدِ وَالْعِلْمِ وَالِاخْتِيَارِ، وَلِلْعُذْرِ كَالتَّنَحْنُحِ لِلْجَهْرِ بِأَذْكَارِ الِانْتِقَالَاتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى سَمَاعِ الْمَأْمُومِينَ، كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ، وَكَالتَّنَحْنُحِ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْبَلْغَمِ بِحَلْقِهِ إذَا خَشِيَ أَنْ يَخْتَنِقَ، كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَكَالضَّحِكِ وَالْبُكَاءِ وَالْأَنِينِ وَالتَّنَحْنُحِ مَعَ الْغَلَبَةِ.
قَالُوا: لِأَنَّ الْكَثِيرَ يَقْطَعُ نَظْمَهَا دُونَ الْقَلِيلِ، وَكَالتَّلَفُّظِ فِيهَا بِقُرْبَةٍ كَنَذْرٍ وَعِتْقٍ حَيْثُ لَا تَعْلِيقَ وَلَا خِطَابَ.
وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يُغْتَفَرُ فِيهِ إدْخَالُ شَيْءٍ إلَى الْجَوْفِ، وَلَا إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْهُ مَعَ التَّعَمُّدِ وَالْعِلْمِ وَالِاخْتِيَارِ، وَلَوْ لِعُذْرٍ، فَعَلِمْنَا انْقِطَاعَ نَظْمِهِ بِأَحَدِ هَذَيْنِ، فَلَمْ يُغْتَفَرْ لِلصَّائِمِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَعَدَمُ انْقِطَاعِ نَظْمِ الصَّلَاةِ بِالْكَلَامِ الْقَلِيلِ لِلْعُذْرِ فَاغْتَفَرْنَاهُ، وَأَوْجَبْنَا عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ، وَأَبَحْنَا لَهُ فِي التَّنَفُّلِ التَّنَخُّمَ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ مَثَلًا، فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي التَّنَخُّمِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْته فِي الْخَيْطِ؛ لَوْلَا مُلَاحَظَةُ هَذَا الْفَرْقِ الْجَلِيِّ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - عَنْ عَارٍ مُتَنَجِّسٍ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا مُتَنَجِّسًا لَا يُمْكِنُهُ تَطْهِيرُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَتَطَهَّرُ بِهِ، هَلْ يُصَلِّي عَارِيًّا أَوْ يَلْبَسُ الثَّوْبَ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ؛ فَقَدْ قِيلَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّهُ يَلْبَسُ الثَّوْبَ؛ تَخْرِيجًا عَلَى قَاعِدَةِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الْأَمْرَيْنِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْمَذْكُورِ؛ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ يُصَلِّي عَارِيًّا؛ إذْ ظَاهِرٌ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ بَدَنُهُ طَاهِرًا أَمْ نَجِسًا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: فِي كَلَامِهِمْ إشَارَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْ الرَّأْيَيْنِ؛ لَكِنَّهُ إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ، وَبَيَانُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ وَاجِبَانِ أَوْ حَرَامَانِ قُدِّمَ آكَدُهُمَا، وَفِي مَسْأَلَتِنَا تَعَارَضَ حَرَامَانِ: لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ، وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ، فَيُقَدَّمُ آكَدُهُمَا؛ وَهُوَ عَدَمُ اللُّبْسِ. وَوَجْهُ آكَدِيَّتِهُ قَوْلُهُمْ: هَلْ يُصَلِّي الْعَارِي قَائِمًا وَيُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مُحَافَظَةً عَلَى الْأَرْكَانِ؟ أَوْ يُصَلِّي قَاعِدًا مُومِيًا مُحَافَظَةً عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ؟ أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا أَوْجُهٌ ثَلَاثَةٌ؟
وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ؛ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَمَامَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ آكَدُ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحُوا فِيمَنْ جَلَسَ عَلَى نَجَاسَةٍ مُمَاسَّةٍ لِبَعْضِ بَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهَا - أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهَا قَائِمًا حَتْمًا، وَيَلْزَمُهُ خَفْضُ رَأْسِهِ لِلسُّجُودِ إلَى حَيْثُ لَوْ زَادَ أَصَابَهَا.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ إصَابَتُهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ وَالتَّحْقِيقِ.
وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ آكَدُ مِنْ اسْتِيفَاءِ السُّجُودِ؛ إذْ قَدْ يَسْقُطُ الْقَضَاءُ مَعَ الْإِيمَاءِ بِخِلَافِهِ مَعَهَا، فَإِذَا كَانَتْ آكَدَ مِنْ اسْتِيفَاءِ السُّجُودِ كَانَتْ آكَدَ مِنْ السَّتْرِ بِالْأَوْلَى؛ لِمَا عَلِمْت أَوَّلًا أَنَّ اسْتِيفَاءَ السُّجُودِ آكَدُ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِذَا قَدَّمَ اجْتِنَابَهَا عَلَى الْآكَدِ مِنْ السَّتْرِ فَلَأَنْ تُقَدَّمَ عَلَى السَّتْرِ أَوْلَى، لَا يُقَالُ: هُوَ يَلْزَمُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، فَمَا فَائِدَةُ اجْتِنَابِهَا؟ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ - وَإِنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ - صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مُخْرِجَةٌ لِلْعُهْدَةِ عَنْ إثْمِ إخْرَاجِهَا عَنْ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ وَتَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إنْ اُجْتُنِبَتْ النَّجَاسَةُ فِيهَا مَهْمَا أَمْكَنَ.
وَلَيْسَ مِنْ أَعْذَارِ الْمُتَضَمِّخِ بِالنَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ؛ فَقَدْ عَدُّوا مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِكَشْفِهَا فِي الصَّلَاةِ مَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا مُتَنَجِّسًا، فَوُجُودُ الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ مُبِيحٌ لِلْكَشْفِ، وَتَنَجُّسُ بَعْضِ الْبَدَنِ لَيْسَ مُبِيحًا لِلُبْسِ الثَّوْبِ النَّجِسِ، فَنَتَجَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الْأَوْجَهَ بَلْ الْمُصَرَّحُ بِهِ كَمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ، وَأَنَّهُ يُصَلِّي عَارِيًّا - وَإِنْ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ - فَإِنْ قُلْت: يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ - فِي حَاضِرٍ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَكْفِي لِلْحَدَثِ أَوْ النَّجَاسَةِ بِبَدَنِهِ - أَنَّهُ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست