responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 158
يُشَوِّشُ عَلَيْهِمْ هَلْ يُمْنَعُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: السُّنَّةُ فِي أَكْثَرِ الْأَدْعِيَةِ وَالْأَذْكَارِ الْإِسْرَارُ إلَّا لِمُقْتَضٍ، وَعِبَارَةُ شَرْحِي لِلْعُبَابِ مَعَ مَتْنِهِ: وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ سِرًّا، وَيَجْهَرُ بِهِمَا بَعْدَ السَّلَامِ الْإِمَامُ لِتَعْلِيمِ الْمَأْمُومِينَ، فَإِذَا تَعَلَّمُوا أَسَرُّوا.
وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الذِّكْرِ الْجَهْرُ لَا الْإِسْرَارُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّصِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ السُّنَّةَ الْإِسْرَارُ؛ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: السُّنَّةُ فِي سَائِرِ الْأَذْكَارِ الْإِسْرَارُ إلَّا التَّلْبِيَةَ وَالْقُنُوتَ لِلْإِمَامِ وَتَكْبِيرَ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ، وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ الْحِجَّةِ، وَبَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ مِنْ الضُّحَى إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرَ السُّوقِ الْوَارِدَ؛ أَيْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. . . إلَخْ، وَعِنْدَ صُعُودِ الْهَضَبَاتِ وَالنُّزُولِ مِنْ الشُّرُفَاتِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَادِيثَ الْجَهْرِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ التَّعْلِيمَ.
وَفِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ رَفْعِ الْجَمَاعَةِ الصَّوْتَ بِالذِّكْرِ، دَائِمًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ؛ أَيْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: وَإِنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ - أَيْ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ - كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ: وَفِي النَّفْسِ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَيْءٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي مَحْصُورِينَ.
وَأَمَّا الْمَسْجِدُ الَّذِي عَلَى الشَّارِعِ مَثَلًا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَطْرُقُهُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْهُ قَبْلُ، فَهُوَ كَمَسْجِدِهِ الشَّرِيفِ كَانَتْ تَرِدُهُ الْأَعْرَابُ وَأَهْلُ الْبَوَادِي، فَفِيهِ يَظْهَرُ نَدْبُ إدَامَةِ الرَّفْعِ؛ لِيَتَعَلَّمَ كُلَّ مَرَّةٍ مَنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ فِيمَا قَبْلَهَا اهـ وَلَا شَيْءَ فِيهِ، فَقَدْ اسْتَدَلَّ فِي الْأُمِّ عَلَى نَدْبِ الْإِسْرَارِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} [الإسراء: 110] نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَبِأَنَّ غَالِبَ الرِّوَايَاتِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ تَهْلِيلٌ وَلَا تَكْبِيرٌ؛ أَيْ فَحُمِلَ مَا فِيهِ الْجَهْرُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لِلتَّعْلِيمِ، وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرُهُ لِطَلَبِ الْإِسْرَارِ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُمْ بِتَرْكِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ «وَقَالَ: إنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إنَّهُ مَعَكُمْ، إنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ» وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ - أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ - آخِرًا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي طَلَبِ الشَّافِعِيِّ الْجَهْرَ لِتَعْلِيمِ الْمَأْمُومِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ظَاهِرَ مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِمَظِنَّةِ وُجُودِ مَنْ يَتَعَلَّمُ، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ وُجُودِهِ، وَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ صَرِيحٌ فِي اعْتِمَادِ الْأَوَّلِ، بَلْ جَعَلَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْجَهْرِ أَنْ يُرِيدَ تَأْمِينَهُمْ عَلَى دُعَائِهِ فَيَجْهَرَ حَتَّى يَعْلَمُوا مَا يُؤَمِّنُونَ عَلَيْهِ، انْتَهَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ. وَالْجَهْرُ بِحَضْرَةِ نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ مَكْرُوهٌ، كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَشْتَدَّ الْأَذَى، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - نَقَلَ التَّاجُ السُّبْكِيّ فِي طَبَقَاتِهِ الْكُبْرَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُونِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مُذْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي رَكْعَتَيْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مَا تَرَكْتُ قِرَاءَتَهُمَا فِيهِمَا، هَلْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ أَوْ لَا؟ وَلَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ إنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِمَا: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، فَأَيُّهُمَا أَصَحُّ وَأَوْفَقُ لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: عِبَارَتِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي عِشَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَفِي مَغْرِبِهَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سُنَّةً، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ التَّاجُ السُّبْكِيّ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ مُدَّةَ إمَامَتِهِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَئِمَّتِنَا وَهُوَ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَتْرُكُ ذَلِكَ سَفَرًا وَلَا حَضَرًا، انْتَهَتْ. وَبِهَا يُعْلَمُ أَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ. وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ تَحْرِيفٌ مِنْ النَّاسِخِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَهْوًا مِنْ الْمُؤَلِّفِ، وَأَنَّ الْفُقَهَاءَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ، عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي اعْتِمَادُ الْإِمَامِ أَبِي عُثْمَانَ الْمَذْكُورِ وَالتَّاجِ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِمَا، وَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ لَا يَذْكُرُهَا أَوْ يَعْتَمِدُهَا إلَّا وَاحِدٌ وَيَكُونُ مَا قَالَهُ فِيهَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَفَعَنَا بِعُلُومِهِ - عَنْ الرُّطُوبَةِ الْمُنْفَصِلَةِ بِقَتْلِ الْعَقْرَبِ مِنْهَا أَيُعْفَى عَنْهَا أَمْ لَا؟

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست