responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 152
مَدِّهِ وَتَمْطِيطِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ لِلسُّبْحَةِ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ، وَقَدْ أَلَّفَ فِي ذَلِكَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ؛ فَمِنْ ذَلِكَ مَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَدِهِ.» وَمَا صَحَّ عَنْ صَفِيَّةَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلَافِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهِنَّ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا بِنْتَ حُيَيٍّ. قُلْت: أُسَبِّحُ بِهِنَّ، قَالَ: قَدْ سَبَّحْت مُنْذُ قُمْت عَلَى رَأْسِك أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، قُلْت: عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: قُولِي سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ مِنْ شَيْءٍ.
» وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ: «عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ وَلَا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ التَّوْحِيدَ، وَاعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ وَمُسْتَنْطَقَاتٌ.» وَجَاءَ التَّسْبِيحُ بِالْحَصَى وَالنَّوَى وَالْخَيْطِ الْمَعْقُودِ فِيهِ عُقَدٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ مَرْفُوعًا: نِعْمَ الْمُذَكِّرُ السُّبْحَةُ.
وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: عَقْدُ التَّسْبِيحِ بِالْأَنَامِلِ أَفْضَلُ مِنْ السُّبْحَةِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: إنْ أَمِنَ الْمُسَبِّحُ الْغَلَطَ كَانَ عَقْدُهُ بِالْأَنَامِلِ أَفْضَلَ وَإِلَّا فَالسُّبْحَةُ أَفْضَلُ؟

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَمَّا قِيلَ إنَّ أَكْثَرَ قِرَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ بِقِرَاءَةِ نَافِعٍ هَلْ لَهُ أَصْلٌ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ لَا أَصْلَ لِذَلِكَ؛ إذْ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ أَلْبَتَّةَ، وَلَا خَرَّجَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا بِإِسْنَادٍ غَيْرِ صَحِيحٍ؛ بَلْ كَانَ يَقْرَأُ بِجَمِيعِ الْأَحْرُفِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَيْهِ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ لِلْقَرَافِيِّ: يُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لُغَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَسَنٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ؛ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ لُغَتَهُ لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَلُغَتُهُمْ تَسْهِيلُ الْهَمْزَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرِيَّةُ قِرَاءَتِهِ؛ بَلْ كَانَ تَارَةً يَقْرَأُ بِتَسْهِيلِهَا الَّذِي هُوَ لُغَتُهُ، وَتَارَةً بِتَحْقِيقِهَا الَّذِي هُوَ لُغَةُ غَيْرِ قُرَيْشٍ، وَتَارَةً بِتَرْكِ الْإِمَالَةِ كَلُغَةِ الْحِجَازِ، وَبِالْإِمَالَةِ كَلُغَةِ تَمِيمٍ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - عَمَّا قِيلَ إنَّ الْقِرَاءَةَ بِالتَّرْقِيقِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهَةٌ لِإِذْهَابِهَا الْخُشُوعَ، صَحِيحٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ إذْ لَا بُدَّ لِلْكَرَاهَةِ مِنْ نَهْيٍ خَاصٍّ أَوْ قِيَاسٍ صَحِيحٍ، وَزَعْمُ إذْهَابِهَا الْخُشُوعَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْفِكْرِ فِي أَدَاءِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ - فَجَمِيعُ هَيْئَاتِ الْأَدَاءِ كَذَلِكَ.
وَالْفِكْرُ فِي أَدَاءِ الْأَلْفَاظِ الْقُرْآنِيَّةِ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَيْهَا لَا يُنَافِي الْخُشُوعَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا الْمُنَافِي لِلْخُشُوعِ الْفِكْرُ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَأَيْضًا الْقِرَاءَةُ بِالْأَحْرُفِ الثَّابِتَةِ فِي السَّبْعَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إجْمَاعًا، فَكَيْفَ يُوصَفُ مَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ؟ وَكَأَنَّ مَا فِي السُّؤَالِ تَوَهُّمٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَأَكْرَهُ التَّرْقِيقَ وَالتَّفْخِيمَ وَالرَّوْمَ وَالْإِشْمَامَ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا تُشْغِلُ عَنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ.
وَلَيْسَ ذَلِكَ التَّوَهُّمُ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدِينَ قَدْ يُطْلِقُونَ الْكَرَاهَةَ عَلَى الْإِرْشَادِيَّةِ الَّتِي لَا ثَوَابَ فِي تَرْكِهَا وَلَا قُبْحَ فِي فِعْلِهَا.
وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَا أَكْرَهُ الْإِمَامَةَ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَأَنَا أَكْرَهُ سَائِرَ الْوِلَايَاتِ لَمْ يُرِدْ الْكَرَاهَةَ الشَّرْعِيَّةَ لِأَنَّهَا مِنْ قِسْمِ الْقَبِيحِ.
وَالْإِمَامَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِتَوَقُّفِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْهَا بَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَذَانِ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يُحِبُّ الدُّخُولَ فِيهَا وَلَا يَخْتَارُهُ، وَلَا أَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِيهَا إذْ الْكَرَاهَةُ وَالثَّوَابُ لَا يَجْتَمِعَانِ؛ فَكَذَلِكَ مُرَادُ مَالِكٍ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَحَبَّ وَاخْتَارَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ لَا أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيِّزِ الْقَبِيحِ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تُوصَفُ بِذَلِكَ قَطْعًا.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَمَّنْ يُصَلِّي وَيَقُولُ فِي الْفَاتِحَةِ: وَلَا الظَّالِّينَ، هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَؤُمَّ بِالْمُسْلِمِينَ؟ وَهَلْ يَكُونُ آثِمًا فِي إمَامَتِهِ أَمْ مُثَابًا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: أَمَّا صَلَاتُهُ فَلَا تَصِحُّ إلَّا إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ النُّطْقِ بِالضَّادِ، وَيَلْزَمُهُ التَّعَلُّمُ لِلنُّطْقِ بِهَا مَا أَمْكَنَهُ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لِمَنْ يُعَلِّمُهُ، وَمَتَى تَرَكَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ الزَّاجِرَ لَهُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْقَبَائِحِ الَّتِي يُفَسَّقُ مُرْتَكِبُهَا. وَأَمَّا إمَامَتُهُ لِلنَّاسِ فَلَا تَصِحُّ فَيُعَزَّرُ عَلَيْهَا أَيْضًا؛ إلَّا إنْ كَانَ الْمُؤْتَمُّ بِهِ مِثْلَهُ فِي الْعَجْزِ عَنْ النُّطْقِ بِالضَّادِ فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِهِ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَضَاعُوا حُقُوقَ الْقُرْآنِ وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ تَعَلُّمِ إخْرَاجِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا فَأَثِمُوا بَلْ فَسَقُوا وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَشَهَادَتُهُمْ؛ فَيَتَعَيَّنُ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست