اسم الکتاب : الفتاوى الاقتصادية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1420
فتوى رقم (82)
السؤال
من وزارة التموين قالت يتحرج بعض الناس من التبليغ ضد التجار الجشعين لبيعهم المواد بأسعار مرتفعة فادحة تزيد على الأسعار المقررة أو ضد من يختزنون أقوات الناس وأهم ما يلزمهم من احتياجات معاشهم من ذوى الأطماع ومنتهزي الفرص لاعتقادهم أن هذا التبليغ ليس واجبا عليهم شرعا بينما ترى الوزارة أن التبليغ عن هؤلاء المجرمين توجبه الشريعة فما رأى الشريعة السمحاء في ذلك؟
الجواب
اطلعنا على كتاب وزارة التموين رقم 225 المؤرخ 16/5/1943 ونفيد أنه إذا قررت الحكومة أسعارا لما يحتاجه الناس في معيشتهم من طعام ولباس وغيرهما دفعا لظلم أربابها ومنعا للضرر العام عن الناس وجب عليهم من أخذ الزيادة عليه وذلك إذا امتنع أرباب السلع عن بيعها مع حاجة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة كما هو حال التجار الآن ففي هذه الحالة يجب عليهم بيعها بقيمة المثل ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بالبيع بهذه القيمة والتسعير هنا كما قال شيخ الإسلام ابن القيم في كتاب - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية إلزامهم بالعدل الذي ألزمهم الله به وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تركه التسعير ومن قوله صلى الله عليه وسلم إن الله هو القابض الباسط هو من قبيل واقعة الحال التي لا تعم إذ ليس في هذه الواقعة كما قال شيخ الإسلام قال ابن تيمية إن أحدا امتنع عن بيع مال الناس يحتاجون إليه وحينئذ فالتسعير كما قال ابن القيم في هذه الحالة جائز بل واجب فإذا سعرت الحكومة وجب العمل بما سعرت به وحرم تعدى السعر الذي حددته لأن طاعة ولى الأمر واجبة بالكتاب العزيز وبالسنة الصحيحة وبإجماع - علماء المسلمين إذا أمر بما ليس معصية هذا وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الجوامع في السياسة الألهية ما خلاصته ولو كان رجل يعلم مكان المال المطلوب بحق إلى الرجل المطلوب بحق وجب عليه الإعلام به والدلالة عليه ولا يجوز كتمانه فإن هذا من باب التعاون على البر والتقوى وذلك واجب إلى أن قال فإذا امتنع هذا العالم من الإعلام بمكان قال المطلوب بحق أو الرجل المطلوب بحق جاز عقوبته بالحبس وغيره حتى يخبر به لأنه امتنع من حق واجب عليه وهذا مطرد من فيما يتولاه الولاة والقضاة وغيرهم في كل من امتنع من حق واجب عليه من قول أو فعل ويسري هذا من قبيل عقوبة الرجل بإثم غيره حتى يدخل في قوله تعالى
(سورة:17, آية:15)
ولا تزر وازرة وزر أخرى
بل هذا يعاقب على ذنب نفسه وهو أن يكون قد علم بمكان الظالم الذي يطلب حضوره لاستيفاء الحق منه أو يعلم بمكان المال الذي قد تعلق به حقوق المستحقين فامتنع من الإعانة ومن النصرة الواجبة عليه بالكتاب والسنة والإجماع إما محاباة وصية لذلك الظالم وإما إعراضا عن القيام لله بالقسط الذي أوجبه الله تعالى وجبنا وفشلا وخذلانا إلى أخر ما قال وما معنا من قبيل أو نظير ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - والخلاصة أنه يجب على من يعلم أن من التجار من يبيع بأسعار مرتفعة تزيد عن الأسعار المقررة أن يبلغ الحكومة ذلك كما يجب عليه أن يبلغها من يختزن أقوات المسلمين وما يلزمهم في معاشهم كما جاء في كتاب الوزارة وإذا كان من يعلم ذلك شخصا واحدا وجب عليه وحده التبليغ ظن لم يبلغ كان آثما وإذا كان من يعلم أكثر من واحد وجب على كل منهم أن يبلغ فإذا قام به بعضهم لم يأثم أحد منهم لحصول المقصود بتبليغ بعضهم وإذا تركوا كلهم التبليغ كانوا جميعا آثمين كما هو حكم الواجب الكفائي
اسم الکتاب : الفتاوى الاقتصادية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1420