responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 98
عَنِ الْبَاقِينَ أَيْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِ هَذَا الْفِعْلِ، فَلَوْ فَعَلُوهُ وَقَعَ فَرْضًا كَمَا لَوْ فَعَلُوهُ مَعَ الْأَوَّلِينَ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَأَمَّا عِبَارَةُ مَنْ يَقُولُ: سَقَطَ الْفَرْضُ عَنِ الْبَاقِينَ فَمَعْنَاهُ سَقَطَ حَرَجُ الْفَرْضِ - هَذَا كَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَقَالَ ابن الصباغ فِي الشَّامِلِ: إِذَا صُلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ مَرَّةً جَازَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا مَرَّةً أُخْرَى، وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وعائشة وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وأحمد وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُصَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ مَرَّتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ غَائِبًا فَيُصَلِّي غَيْرُهُ فَيُعِيدُهَا الْوَلِيُّ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الصَّلَاةَ الْأُولَى قَدْ سَقَطَ بِهَا الْفَرْضُ، فَلَوْ صَلَّى ثَانِيًا لَكَانَ تَطَوُّعًا، وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ صَلَّى لَا يُكَرِّرُهَا، قَالَ: وَهَذَا مَنْقُوضٌ بِقَوْلِهِمْ فِي الْوَلِيِّ زَادَ فِي التَّتِمَّةِ لِأَنَّ كُلَّ حَالَةٍ جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا عَلَى الْمَيِّتِ جَازَ لِغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَقَالَ فِي التَّتِمَّةِ: إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ قَوْمٌ ثُمَّ جَاءَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى وَأَرَادُوا الصَّلَاةَ يَنْوُونَ صَلَاةَ الْفَرْضِ لِأَنَّ فِعْلَ الْغَيْرِ مَا أَسْقَطَ الْفَرْضَ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْهُ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِهِ النُّكَتِ فِي الْخِلَافِ: مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ مَعَ الْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ، دَلِيلُنَا «أَنَّ سكينة مَاتَتْ لَيْلًا فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَفَنُوهَا ثُمَّ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ بِهِمْ وَصَلَّى عَلَى قَبْرِهَا» ، فَإِنْ قِيلَ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ إِلَّا بِصَلَاتِهِ وَلِهَذَا قَالَ: ( «لَا يَمُوتَنَّ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا آذَنْتُمُونِي بِهِ فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ رَحْمَةٌ لَهُ» ) قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَعْلَمَهُ النَّاسُ وَكَانُوا لَا يُصَلُّونَ وَإِنَّمَا نَدَبَهُمْ إِلَى إِعْلَامِهِ لِبَرَكَةِ دُعَائِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: ( «فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْكُمْ رَحْمَةٌ» ) وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ الْفَرْضَ لَمْ يَسْقُطْ، وَلِأَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ مَعَ النَّاسِ جَازَ لَهُ بَعْدَ صَلَاتِهِمْ كَالْوَلِيِّ، فَإِنْ قِيلَ: الْوَلِيُّ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ، قِيلَ لَهُ حَقٌّ قَبْلَ سُقُوطِ الْفَرْضِ، فَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا، وَلِهَذَا لَا تَجِبُ إِعَادَتُهَا، قَالُوا: لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَدِمَ بَعْدَ مَوْتِهِ كمعاذ وَغَيْرِهِ، قُلْنَا: هَذَا حُجَّةٌ لِأَنَّهُ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزْ عَلَى قَبْرِهِ لِأَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ( «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي مَسْجِدًا» ) فَإِنْ قَالُوا سَقَطَ فَرْضُ الصَّلَاةِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَنْ صَلَّى مَرَّةً، قُلْنَا: يُنْكَرُ مِمَّنْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، وَالْأَصْلُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، ثُمَّ ذَاكَ سَقَطَ الْفَرْضُ بِفِعْلِهِ حَقِيقَةً، وَهَاهُنَا سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ حُكْمًا، فَجَازَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعَزِيمَةِ كَالْمُسَافِرِ فِي الرُّخَصِ، لِأَنَّ مَنْ رَدَّ السَّلَامَ مَرَّةً لَا يَرُدُّ مَرَّةً أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَرُدَّ يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ - هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ أبي إسحاق بِحُرُوفِهِ.

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست