responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 63
بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَالَ المحب الطبري: كَرِهَ قَوْمٌ الصَّفَّ بَيْنَ السَّوَارِي، لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْ ذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِ الضِّيقِ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ انْقِطَاعُ الصَّفِّ.
فَهَذَا الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَكَلَامِ شَارِحِيهَا مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ صَرِيحٌ فِي كَرَاهَةِ هَذَا الْفِعْلِ، وَفِي بَعْضِهَا مَا يُصَرِّحُ بِسُقُوطِ الْفَضِيلَةِ، وَلْنَذْكُرِ الْآنَ مَا وَقَعَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ الَّتِي لَا فَضِيلَةَ مَعَهَا، فَأَوَّلُ مَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُقَارَنَةِ، قَالَ الرافعي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الشَّرْحِ: قَالَ: صَاحِبُ التَّهْذِيبِ، وَغَيْرُهُ: ذَكَرُوا أَنَّهُ يُكْرَهُ الْإِتْيَانُ بِالْأَفْعَالِ مَعَ الْإِمَامِ، وَتَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ.
وَكَذَا قَالَ النووي فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وابن الرفعة فِي الْكِفَايَةِ، قَالَ الزركشي فِي الْخَادِمِ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا: فِي كَوْنِ الْمُقَارَنَةِ مَكْرُوهَةً، الثَّانِي: تَفْوِيتُهَا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ الْبَغَوِيُّ وَتَابَعَهُ الروياني، وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَأَمَّا الثَّانِي فَعِبَارَةُ التَّهْذِيبِ: إِذَا أَتَى بِالْأَفْعَالِ مَعَ الْإِمَامِ يُكْرَهُ، وَتَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَلَكِنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ.
وَقَالَ ابن الأستاذ: فِي هَذَا نَظَرٌ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْأَوْلَوِيَّةِ مَعَ أَنَّ حُكْمَ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِ، وَقَالَ التَّاجُ الفزاري: فِي كَلَامِ الْبَغَوِيِّ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ حَكَمَ بِفَوَاتِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ تَنَاقُضٌ وَتَبِعَهُ أَيْضًا السبكي، وَصَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ والبارزي فِي تَوْضِيحِهِ الْكَبِيرِ، قَالَ الزركشي: وَهَذَا كُلُّهُ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ الصِّحَّةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ بِدَلِيلِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ، وَالدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَإِفْرَادِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، وَالْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لَا يُنَاقِضُ حُصُولَهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ، فَالِاقْتِدَاءُ صَحِيحٌ، وَهُوَ فِي جَمَاعَةٍ لَا ثَوَابَ فِيهَا قَالَ: وَمِمَّا يَشْهَدُ لِانْفِكَاكِ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ، الْمَسْبُوقُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ بَعْدَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، فَإِنَّهُ فِي جَمَاعَةٍ قَطْعًا ; لِأَنَّ اقْتِدَاءَهُ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِلَّا لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي حُصُولِ الْفَضِيلَةِ لَهُ قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ صَلَاةٍ لَا تُسْتَحَبُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ كَصَلَاةِ الْعُرَاةِ جَمَاعَةً، فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ثَوَابَ فِيهَا ; لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ.
قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ النووي نَفَى فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ أَيْ ثَوَابَهَا، وَلَمْ يَقُلْ: بَطَلَتِ الْجَمَاعَةُ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ بَاقِيَةٌ وَأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقْتَدِي ; لِأَنَّهُ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ السَّهْوَ وَغَيْرَهُ قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخِ، كَيْفَ غَفَلُوا عَنْ هَذَا وَتَتَابَعُوا عَلَى هَذَا الْفَسَادِ وَأَنَّ فَوَاتَ الْفَضِيلَةِ يَسْتَلْزِمُ الْخُرُوجَ عَنِ الْمُتَابَعَةِ؟

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست