responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 459
" «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ نَزَلَ جِبْرِيلُ فِي كَبْكَبَةٍ مِنَ السَّمَاءِ يُصَلُّونَ وَيُسَلِّمُونَ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ أَوْ قَاعِدٍ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى» ".
وَأَمَّا نُزُولُهُ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ النواس بن سمعان قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدجال، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ الدجال وَنُزُولَ عِيسَى وَقَتْلَهُ إِيَّاهُ، قَالَ: " «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ فِي قِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ» " الْحَدِيثَ، فَقَوْلُهُ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى، ظَاهِرٌ فِي نُزُولِ جِبْرِيلَ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَهَلْ يُرَدُّ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ بِالْحَدِيثِ الْمُعَارِضِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ أَصْلًا، ثُمَّ يَحْمِلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

مَسْأَلَةٌ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ.
الْجَوَابُ: الْجَدُّ، بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، وَمَعْنَاهُ فِيمَا ذَكَرَ الخطابي: الْغِنَى، وَفِيمَا ذَكَرَ غَيْرُهُ: الْحَظُّ، قَالَ الخطابي: وَ (مِنْ) هُنَا بِمَعْنَى الْبَدَلِ، وَالْمَعْنَى لَا يَنْفَعُ صَاحِبَ الْغِنَى غِنَاهُ بِذَلِكَ، وَقَالَ الجوهري فِي الصِّحَاحِ: (مِنْكَ) هُنَا بِمَعْنَى عِنْدَكَ، أَيْ: لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى عِنْدَكَ غِنَاهُ، إِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَقَالَ ابن التين: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْبَدَلِ وَلَا بِمَعْنَى عِنْدَ، بَلْ هُوَ كَمَا تَقُولُ: لَا يَنْفَعُكَ مِنِّي شَيْءٌ إِنْ أَنَا أَرَدْتُكَ بِسُوءٍ، وَأَوْضَحَهُ ابن دقيق العيد فَقَالَ: يَنْفَعُ هُنَا قَدْ ضُمِّنَ مَعْنَى يَمْنَعُ وَمَا قَارَبَهُ، وَ (مِنْ) مُتَعَلِّقٌ بِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَلَا يَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِالْجَدِّ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ مِنْهُ تَعَالَى نَافِعٌ. انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا (فَمِنْ) لِلتَّعْدِيَةِ أَوْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَمِنَ الْغَرِيبِ مَا حَكَاهُ الرَّاغِبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ هُنَا أَبُو الْأَبِ، أَيْ لَا يَنْفَعُ أَحَدًا نَسَبُهُ، وَأَغْرَبُ مِنْهُ مَا حَكَاهُ القرطبي عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ الْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ اجْتِهَادُهُ، وَأَنْكَرَهُ الطَّبَرِيُّ، وَوَجَّهَ القزاز إِنْكَارَهُ بِأَنَّ الِاجْتِهَادَ فِي الْعَمَلِ نَافِعٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ دَعَا الْخَلْقَ إِلَى ذَلِكَ، فَكَيْفَ لَا يَنْفَعُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِاجْتِهَادَ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَتَضْيِيعَ أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ بِمُجَرَّدِهِ مَا لَمْ يُقَارِنْهُ الْقَبُولُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، كَمَا وَرَدَ: " «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمُ الْجَنَّةَ عَمَلُهُ» " وَقِيلَ: الْمُرَادُ عَلَى رِوَايَةِ الْكَسْرِ: السَّعْيُ التَّامُّ فِي الْحِرْصِ، أَوِ الْإِسْرَاعُ فِي الْهَرَبِ، قَالَ النووي: الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 459
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست