responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 394
وَأَتْقَى الْأَتْقِيَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَقَالَ النسفي فِي تَفْسِيرِهِ: الْأَتْقَى: الْأَكْمَلُ تَقْوَى، وَهُوَ صِفَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ. وَقَالَ: وَدَلَّ عَلَى فَضْلِهِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] انْتَهَى. وَقَالَ القرطبي فِي تَفْسِيرِهِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَتْقَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعَانِي: أَرَادَ بِالْأَشْقَى وَالْأَتْقَى الشَّقِيَّ وَالتَّقِيَّ، كَقَوْلِ طرفة:
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ وَإِنْ أَمُتْ ... فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيهَا بِأَوْحَدِ
أَيْ وَاحِدٍ وَوَحِيدٍ، فَوَضَعَ أَفْعَلَ مَوْضِعَ فَعِيلٍ. انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَعَانِي هُوَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الجوجري عَادِلًا عَنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ النَّحْوِ، قَالَ ابن الصلاح: حَيْثُ رَأَيْتُ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ: قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي، فَالْمُرَادُ بِهِ مُصَنِّفُو الْكُتُبِ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ كالزجاج والفراء والأخفش وَابْنِ الْأَنْبَارِيِّ. انْتَهَى.
وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ عَنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ أَنَّهَا فِي أبي بكر بِعِتْقِهِ مَنْ أَعْتَقَ مِنَ الْمَمَالِيكِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ.
فَأَنْتَ تَرَى هَذِهِ النُّقُولَ تُنَادِي عَلَى أَنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الجوجري مَقَالَةٌ فِي الْآيَةِ لِبَعْضِ النَّحْوِيِّينَ مَشَى عَلَيْهَا بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ فِي التَّفْسِيرِ، وَأَنَّ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ الْآثَارُ وَقَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَصَحَّحَهُ الْخَلَفُ اخْتِصَاصُهَا بأبي بكر إِبْقَاءً لِلصِّيغَةِ عَلَى بَابِهَا. هَذَا بَيَانُ رُجْحَانِ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ التَّفْسِيرُ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ أُصُولُ الْفِقْهِ وَالْعَرَبِيَّةُ فَأَقُولُ: قَوْلُ الجوجري: إِنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، فَرْعٌ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّفْظِ عُمُومٌ حَتَّى يَكُونَ الْعِبْرَةُ بِهِ، وَالْآيَةُ لَا عُمُومَ فِيهَا أَصْلًا وَرَأْسًا، بَلْ هِيَ نَصٌّ فِي الْخُصُوصِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعُمُومَ إِنَّمَا يُسْتَفَادُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصِّيغَةِ مِنْ (أَلِ) الْمَوْصُولَةِ وَالتَّعْرِيفِيَّةِ، وَلَيْسَتْ (أَلْ) هَذِهِ مَوْصُولَةً قَطْعًا ; لِأَنَّ الْأَتْقَى أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ، وَ (أَلِ) الْمَوْصُولَةُ لَا تُوصَلُ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ بِإِجْمَاعِ النُّحَاةِ، وَإِنَّمَا تُوصَلُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَفِي الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ خِلَافٌ، وَأَمَّا أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ فَلَا تُوصَلُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا التَّعْرِيفِيَّةُ فَإِنَّمَا تُفِيدُ الْعُمُومَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْجَمْعِ، فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدٍ لَمْ تُفِدْهُ، كَمَا اخْتَارَ الإمام فخر

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 394
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست