responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 369
وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ خَبَرٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَبَّأَهُمْ، وَإِنَّمَا احْتَجَّ مَنْ قَالَ: إِنَّهُمْ نُبِّئُوا بِقَوْلِهِ فِي آيَتَيِ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ {وَالْأَسْبَاطِ} [النساء: 163] وَفَسَّرَ الْأَسْبَاطَ بِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ يَعْقُوبَ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمْ أَوْلَادَهُ لِصُلْبِهِ بَلْ ذُرِّيَّتَهُ كَمَا يُقَالُ فِيهِمْ أَيْضًا بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ كَانَ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْأَنْبِيَاءُ فَالْأَسْبَاطُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَالْقَبَائِلِ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ، قَالَ أبو سعيد الضرير: أَصْلُ السِّبْطِ شَجَرَةٌ مُلْتَفَّةُ كَثِيرَةُ الْأَغْصَانِ فَسُمُّوا الْأَسْبَاطَ لِكَثْرَتِهِمْ، فَكَمَا أَنَّ الْأَغْصَانَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَلِكَ الْأَسْبَاطُ كَانُوا مِنْ يَعْقُوبَ، وَمِثْلُ السِّبْطِ الْحَافِدُ، وَكَانَ الحسن والحسين سِبْطَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَسْبَاطُ حَفَدَةُ يَعْقُوبَ ذَرَارِيُّ أَبْنَائِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ - وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} [الأعراف: 159 - 160] فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَسْبَاطَ هُمُ الْأُمَمُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلُّ سَبْطَةٍ أُمَّةٌ لَا أَنَّهُمْ بَنُوهُ الِاثْنَا عَشَرَ، بَلْ لَا مَعْنَى لِتَسْمِيَتِهِمْ قَبْلَ أَنْ تَنْتَشِرَ عَنْهُمُ الْأَوْلَادُ أَسْبَاطًا، فَالْحَالُ أَنَّ السِّبْطَ هُمُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَمَنْ قَالَ: الْأَسْبَاطُ أَوْلَادُ يَعْقُوبَ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُمْ أَوْلَادُهُ لِصُلْبِهِ، بَلْ أَرَادَ ذُرِّيَّتَهُ كَمَا يُقَالُ: بَنُو إِسْرَائِيلَ وَبَنُو آدَمَ، فَتَخْصِيصُ الْآيَةِ بِبَنِيهِ لِصُلْبِهِ غَلَطٌ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، وَلَا الْمَعْنَى، وَمَنِ ادَّعَاهُ فَقَدْ أَخْطَأَ خَطَأً بَيِّنًا، وَالصَّوَابُ أَيْضًا: أَنَّ كَوْنَهُمْ أَسْبَاطًا إِنَّمَا سُمُّوا بِهِ مِنْ عَهْدِ مُوسَى لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَمِنْ حِينَئِذٍ كَانَتْ فِيهِمُ النُّبُوَّةُ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ نَبِيٌّ قَبْلَ مُوسَى إِلَّا يُوسُفَ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: 84] الْآيَاتِ، فَذَكَرَ يُوسُفَ وَمَنْ مَعَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَسْبَاطَ فَلَوْ كَانَ إِخْوَةُ يُوسُفَ نُبِّئُوا كَمَا نُبِّئَ يُوسُفُ لَذُكِرُوا مَعَهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ يَذْكُرُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْمَحَامِدِ وَالثَّنَاءِ مَا يُنَاسِبُ النُّبُوَّةَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ كَمَا قَالَ عَنْ مُوسَى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} [القصص: 14] الْآيَةَ، وَقَالَ فِي يُوسُفَ كَذَلِكَ، وَفِي الْحَدِيثِ " «أَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ نَبِيٌّ مِنْ نَبِيٍّ مِنْ نَبِيٍّ» " فَلَوْ كَانَتْ إِخْوَتُهُ أَنْبِيَاءَ كَانُوا قَدْ شَارَكُوهُ فِي هَذَا الْكَرَمِ، وَهُوَ تَعَالَى لَمَّا قَصَّ قِصَّةَ يُوسُفَ وَمَا فَعَلُوا مَعَهُ ذَكَرَ اعْتِرَافَهُمْ بِالْخَطِيئَةِ وَطَلَبَهُمُ الِاسْتِغْفَارَ مِنْ أَبِيهِمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ فَضْلِهِمْ مَا يُنَاسِبُ النُّبُوَّةَ، وَلَا شَيْئًا مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ، بَلْ وَلَا ذَكَرَ عَنْهُمْ تَوْبَةً بَاهِرَةً كَمَا ذَكَرَ عَنْ ذَنْبِهِ دُونَ ذَنْبِهِمْ، بَلْ إِنَّمَا حَكَى عَنْهُمُ الِاعْتِرَافَ وَطَلَبَ الِاسْتِغْفَارَ، وَلَا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَلَا بَعْدَهَا أَنَّهُ فَعَلَ مِثْلَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ مِنْ عُقُوقِ الْوَالِدِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَإِرْقَاقِ الْمُسْلِمِ وَبَيْعِهِ إِلَى بِلَادِ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 369
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست