responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 362
مَسْأَلَةٌ: مَا صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ بِأَنَّهُ حَرَامٌ اسْتِنَادًا لِمَا نَطَقَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فِيهِ بِالْحُرْمَةِ كَآيَةِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ هَلِ الْحُرْمَةُ فِيهِ لِعَيْنِهِ أَمْ لِمَعْنًى آخَرَ؟ حَكَوْا فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَحِينَئِذٍ فَالْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ مُعَيَّنٌ هَلْ يَقُولُ: إِنَّ حَدَّ الْحُكْمِ بِأَنَّهُ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ إِلَى آخِرِهِ؛ قَيْدُ الْأَفْعَالِ فِيهِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، أَوْ مُعْتَبَرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ لِإِخْرَاجِ مَا احْتَرَزُوا عَنْهُ بِهِ مِمَّا لَا يُسَمَّى حُكْمًا، وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ مُعَلَّقُ الْحُكْمِ بِالْعَيْنِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ ذَهَبَ.
الْجَوَابُ: الْخِلَافُ فِي أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ هَلْ هُمَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ أَوْ مِنْ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ شَهِيرٌ حَكَاهُ خَلَائِقُ مِنْهُمُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ فِي التَّقْرِيبِ، وَحَكَاهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ السبكي، وَزَيَّفَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ جِدًّا حَتَّى قَالَ: إِنَّهُ قَالَ بِهِ مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ، وَحَكَاهُ وَلَدُهُ الشَّيْخُ تاج الدين وَقَالَ: إِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُمَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ أَصْلُنَا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُمَا مِنْ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ قَوْلُ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ - هَذِهِ عِبَارَتُهُ، وَذَكَرَ وَالِدُهُ أَنَّ فَائِدَةَ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي فُرُوعٍ فِقْهِيَّةٍ، مِنْهَا مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ شَخْصٍ مَالٌ مَغْصُوبٌ فَأَعْطَاهُ لِآخَرَ، وَهُمَا جَاهِلَانِ بِالْغَصْبِ ظَانَّانِ أَنَّهُ مِلْكُهُ فَإِنْ قُلْنَا: التَّحْرِيمُ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ؛ لَمْ يُوصَفْ هَذَا الْمَالُ بِأَنَّهُ حَرَامٌ، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ وُصِفَ بِهِ، وَمِنْهَا قَتْلُ الْخَطَأِ يُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ عَلَى قَوْلِ الْأَعْيَانِ دُونَ الْأَفْعَالِ، وَذَكَرَ وَلَدُهُ الشَّيْخُ تاج الدين لَهُ فَوَائِدَ أُصُولِيَّةً مِنْهَا أَنَّ نَحْوَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] لَا إِجْمَالَ فِيهِ قَطْعًا عَلَى قَوْلِ الْأَعْيَانِ وَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ عَلَى قَوْلِ الْأَفْعَالِ، وَأَمَّا حَدُّ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ مَاشٍ عَلَى الْقَوْلِ الصَّوَابِ دُونَ الْقَوْلِ الْمُزَيَّفِ، وَمَنْ يَقُولُ بِالْمُزَيَّفِ يَحْتَاجُ فِي الْحَدِّ إِلَى عِبَارَةٍ تُنَاسِبُ مَذْهَبَهُ، هَذَا آخِرُ الْجَوَابِ، ثُمَّ إِنَّ قَوْلَ السَّائِلِ: هَلِ الْحُرْمَةُ فِيهِ لِعَيْنِهِ أَمْ لِمَعْنًى آخَرَ؛ عِبَارَةٌ مُلْبِسَةٌ، فَإِنَّ لَنَا مَسْأَلَتَيْنِ: مَسْأَلَةُ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالْأَفْعَالِ، أَوْ بِالْأَعْيَانِ، وَهَذِهِ مُطَّرِدَةٌ فِي كُلِّ تَحْرِيمٍ وَتَحْلِيلٍ، وَمَسْأَلَةُ إِذَا قُلْنَا: تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ، فَفِي بَعْضِ الصُّوَرِ يَجْرِي فِيهَا خِلَافٌ هَلِ التَّحْرِيمُ لِلْعَيْنِ أَوِ الذَّاتِ أَوْ لِمَعْنًى خَارِجٍ كَمَا قِيلَ فِي اسْتِعْمَالِ أَوَانِي النَّقْدَيْنِ، وَهَذِهِ غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ فِي كُلِّ تَحْرِيمٍ، فَأَوَّلُ السُّؤَالِ يُوهِمُ أَنَّهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَآخِرُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ عَنِ الْأُولَى.

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 362
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست