responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 332
وَمِنْ رَسَائِلِ الْقَاضِي الْفَاضِلِ وَقَدْ ذَكَرَ الْفِرِنْجَ: وَغَضِبُوا زَادَهُمُ اللَّهُ غَضَبًا، وَأَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُمْ حَطَبًا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْفَقِيهِ الْإِمَامِ الْخَطِيبِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ نَبَاتَةَ فِي خُطَبِهِ الْمَشْهُورَةِ السَّائِرَةِ شَرْقًا وَغَرْبًا قَالَ فِي خُطْبَةٍ هُنَالِكَ: يُرْفَعُ الْحِجَابُ، وَيُوضَعُ الْكِتَابُ، وَيُجْمَعُ مَنْ وَجَبَ لَهُ الثَّوَابُ، وَحَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ فَيُضْرَبُ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ، وَقَالَ فِي خُطْبَةٍ أُخْرَى: يَا لَهُ مِنْ نَادِمٍ عَلَى تَضْيِيعِهِ أَسَفًا عَلَى الْمُسِيءِ مِنْ صَنِيعِهِ، حَيْثُ عَايَنَ رُتَبَ الصَّالِحِينَ وَأَبْصَرَ مَنَازِلَ الْمُفْلِحِينَ الَّذِينَ قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، وَكَانُوا نُصْبَ نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ وَلَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِهِ، وَقَالَ فِي أُخْرَى: أَلَا وَإِنَّ الْجِهَادَ كَنْزٌ وَفَّرَ اللَّهُ بِهِ أَقْسَامَكُمْ، وَحِرْزٌ طَهَّرَ اللَّهُ بِهِ أَجْسَامَكُمْ، وَعِزٌّ أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ إِسْلَامَكُمْ، فَإِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ، فَأَحْسِنُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ الثِّقَةَ بِمَنْ لَمْ يَزَلْ بِكُمْ بَرًّا لَطِيفًا، وَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا، وَاغْتَنِمُوا بِمُقَارَعَةِ الْعَدُوِّ وَقُرْبِ الْفَرَجِ فَإِنَّ اللَّهَ اجْتَبَاكُمْ، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.
وَقَالَ فِي أُخْرَى: وَخَرِسَتِ الْأَلْسُنُ الْفَصِيحَةُ عَنِ الْكَلَامِ، وَقُضِيَ بِدَارِ الْبَوَارِ لِمَنْ حُرِمَ دَارَ السَّلَامِ وَعُرِفَ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَأُخِذُوا بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ، وَكَلَامُهُ فِي نَحْوِ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي خُطَبِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الْفُصَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةِ اللِّسَانِ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى ذَلِكَ بِهَذِهِ الْخُطَبِ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ ; لِأَنَّهَا اشْتَهَرَتْ عَلَى رُءُوسِ الْمَنَابِرِ، وَذُكِرَتْ فِي جَمْعِ الْمُسْلِمِينَ وَجُمُوعِهِمْ وَتَكَرَّرَتْ عَلَى أَسْمَاعِ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَكَابِرِ فَالِاحْتِجَاجُ بِهَا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ جَلِيٌّ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ ناصر الدين بن المنير فِي خُطَبِهِ الْمَشْهُورَةِ مَعَ اشْتِهَارِهِ بِالْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ وَالْأَدَبِيَّةِ وَتَقَدُّمِهِ وَتَبَحُّرِهِ فِي ذَلِكَ وَسِيَادَتِهِ، فَقَالَ فِي خُطْبَةٍ: كَيْفَ بِكَ إِذَا جِئْتَ وَأَنْتَ لِجَمِيعِ مَا خَلَّفْتَ فَاقِدٌ؟ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَاهِدٌ. وَقَالَ فِي أُخْرَى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا وَيُكَافِئُ بِالْحُسْنَى وَالزِّيَادَةِ الَّذِينَ أَحْسَنُوا. وَقَالَ فِي أُخْرَى: بَلْ هُوَ الْفَرْدُ الصَّمَدُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ يَسْمَعُ النَّجْوَى، وَيَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَهُوَ تَعَالَى أَيْنَمَا كُنَّا مَعَنَا. وَقَالَ فِي أُخْرَى: فَاللَّهَ اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ شَمِّرُوا الذَّيْلَ، فَإِنَّ السَّيْلَ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى فَحُلُّوا الْحُبَا وَسُلُّوا الظِّبَا، وَأَعِدُّوا لِعَدُوِّكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَهُمْ بِهِ رَهَبًا.
قَالَ: وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْخُطَبِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي تِلْكَ، وَتَزِيدُ هَذِهِ بِوُفُورِ عِلْمِ مَنْ نُسِبَتْ إِلَيْهِ وَتَقَدُّمِهِ فِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَيْهِ.
وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذِهِ مِنْ هَذَيْنِ لِشُهْرَتِهِمَا

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست