responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 330
فَحَاوَلْتُ أَنْ أُوصِلَ إِلَى أَذْهَانِهِمْ مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ يُمْكِنْ لِبُعْدِ أَذْهَانِهِمْ عَنْ إِدْرَاكِ ذَلِكَ، وَالْأَصْلِ الْآخَرِ الْمُعْتَمَدِ عَلَيْهِ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَهِيَ الْقَوَاطِعُ السَّمْعِيَّةُ وَالنُّقُولُ الْبَيِّنَةُ الْجَلِيَّةُ الَّتِي تَقْرَعُ الْأَسْمَاعَ، وَيَرْتَفِعُ عِنْدَ وُجُودِهَا النِّزَاعُ، وَفِي ذَلِكَ أَعْظَمُ كِفَايَةٍ وَأَكْبَرُ حُجَّةٍ، وَأَجَلُّ بَيَانٍ، وَأَوْضَحُ مَحَجَّةٍ، إِذِ النُّقُولُ الصَّرِيحَةُ يَصِلُ إِلَى فَهْمِ مَعْنَاهَا وَإِدْرَاكِ دَلَالَتِهَا عُمُومُ الْأَفْهَامِ، وَيَشْتَرِكُ فِي الْوُصُولِ إِلَى الْعِلْمِ بِهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، وَفِي تَقَصِّيهَا وَالنَّظَرِ لِمَا فِيهَا مَا هُوَ جَوَابٌ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ، وَبَيَانٌ لِمِثْلِ هَذَا الْحَالِ، وَذَلِكَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَكَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْخُطَبَاءِ وَالْأُدَبَاءِ، وَمَا سَطَّرَهُ فِي ذَلِكَ عُلَمَاءُ الْبَيَانِ وَأَئِمَّةُ اللِّسَانِ قَوْلًا.
وَالثَّانِي: مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى فِي ذَلِكَ حُكْمًا، وَذَلِكَ أَمْرٌ فِي ذَلِكَ كَافٍ، وَجَوَابٌ فِي الْمَسْأَلَةِ شَافٍ. أَمَّا النَّوْعُ الْأَوَّلُ: فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ علي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: " «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» " الْحَدِيثَ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ التِّلَاوَةَ: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: 79] {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 163] فَفِي ذَلِكَ أَوْضَحُ بَيَانٍ وَأَشْفَى جَوَابٍ لِمَا ذُكِرَ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عِنْدَ ذِكْرِهِ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: وَجْهُ قَوْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تِلَاوَةَ الْآيَةِ بَلِ الْإِخْبَارُ بِالِاعْتِرَافِ بِحَالِهِ، فَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى قَوَاعِدَ جَلِيلَةٍ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِشَيْءٍ مِنْ كَلِمَاتِ الْقُرْآنِ غَيْرُ التِّلَاوَةِ.
وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْأَئِمَّةُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَعُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَأَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِذَلِكَ غَيْرُ التِّلَاوَةِ جَازَ أَنْ يُحْذَفَ شَيْءٌ مِنْهُ وَيُزَادَ عَلَى سِيَاقِ قَوْلِ قَائِلِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ هرقل فَإِنَّ فِيهِ: «ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هرقل عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدَعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ، وَيَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ - إِلَى قَوْلِهِ: بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» ، فَذَكَرَ فِيهِ: سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَالتِّلَاوَةَ وَالسَّلَامَ، وَذَكَرَ فِيهِ وَيَا أَهْلَ الْكِتَابِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» " وَالتِّلَاوَةُ {رَبَّنَا آتِنَا} [البقرة: 201] وَقَدْ سَمَّاهُ أَنَسٌ دُعَاءً وَلَمْ يُسَمِّهِ تِلَاوَةً.
وَفِي الْبُخَارِيِّ حَدِيثُ: " «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 330
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست