responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 328
أَوْقَفَهُ عَلَيْهِ فَكَتَبَ لَهُ خَطَّهُ عَلَيْهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ الشرف ابن المقري صَاحِبُ الرَّوْضِ وَالْإِرْشَادِ فِي شَرْحِ بَدِيعِيَّتِهِ: مَا كَانَ مِنَ الِاقْتِبَاسِ فِي الشِّعْرِ فِي الْمَوَاعِظِ وَالزُّهْدِ وَمَدْحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ فَهُوَ مَقْبُولٌ وَغَيْرُهُ مَرْدُودٌ، وَقَالَ التقي بن حجة: الِاقْتِبَاسُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَقْبُولٌ وَمُبَاحٌ وَمَرْدُودٌ، فَالْأَوَّلُ مَا كَانَ فِي الْخُطَبِ وَالْمَوَاعِظِ وَالْعُهُودِ، وَالثَّانِي مَا كَانَ فِي الْغَزَلِ وَالرَّسَائِلِ وَالْقِصَصِ، وَالثَّالِثُ مَا كَانَ فِي الْهَزْلِ وَالْخَلَاعَةِ.
وَذَكَرَ الشيخ علاء الدين العطار تِلْمِيذُ النووي فِي كِتَابٍ لَهُ أَلَّفَهُ فِي الشِّعْرِ أَنَّهُ سَأَلَ النووي عَنِ الِاقْتِبَاسِ فَأَجَازَهُ فِي النَّثْرِ وَكَرِهَهُ فِي الشِّعْرِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الشيخ بهاء الدين بن السبكي فَجَوَّزَهُ فِي النَّثْرِ وَاسْتَعْمَلَهُ وَقَالَ: الْوَرَعُ اجْتِنَابُهُ فِي الشِّعْرِ - ذَكَرَهُ فِي عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ.
قُلْتُ: وَعِلَّةُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ النَّثْرِ وَالشِّعْرِ ظَاهِرَةٌ فَإِنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ لَمَّا نُزِّهَ عَنْ كَوْنِهِ شِعْرًا نَاسَبَ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ تَضْمِينِهِ الشِّعْرَ بِخِلَافِ النَّثْرِ.
هَذَا مَجْمُوعُ الْمَنْقُولِ عِنْدَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَحَاصِلُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى جَوَازِ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ مِنَ الْقُرْآنِ وَاقْتِبَاسِهِ فِي النَّثْرِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي اقْتِبَاسِهِ فِي الشِّعْرِ؛ فَالْأَكْثَرُونَ جَوَّزُوهُ وَاسْتَعْمَلُوهُ مِنْهُمُ الرافعي، وَأَمَّا النووي، والبهاء بن السبكي فَكَرِهَاهُ وَرَعًا لَا تَحْرِيمًا، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ بِتَحْرِيمِهِ لِأَحَدٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي غَيْرِ الْهَزْلِ وَالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ.
وَيَلْتَحِقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمُ الشَّيْخُ ولي الدين العراقي عَنِ الشريف تقي الدين الحسيني أَنَّهُ نَظَمَ قَوْلَهُ:
مَجَازٌ حَقِيقَتُهَا فَاعْبُرُوا ... وَلَا تَعْمُرُوا هَوِّنُوهَا تَهُنِ
وَمَا حُسْنُ بَيْتٍ لَهُ زُخْرُفٌ ... تَرَاهُ إِذَا زُلْزِلَتْ لَمْ يَكُنِ
ثُمَّ تَوَقَّفَ لِكَوْنِهِ اسْتَعْمَلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الْقُرْآنِيَّةَ فِي الشِّعْرِ فَجَاءَ إِلَى الشَّيْخِ تقي الدين بن دقيق العيد ; لِيَسْتَفْتِيَهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا أَنْشَدَهُ إِيَّاهُمَا قَالَ لَهُ الشَّيْخُ: قُلْ " وَمَا حُسْنُ كَهْفٍ" فَقَالَ: يَا سَيِّدِي أَفَدْتَنِي وَأَفْتَيْتَنِي، ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّيْخَ داود الباخلي الشاذلي تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِاللَّطِيفَةِ الْمُرْضِيَةِ فِي شَرْحِ دُعَاءِ الشَّاذِلِيَّةِ وَبَسَطَهَا أَحْسَنَ بَسْطٍ، فَقَالَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ - يَعْنِي الشَّيْخَ أبا الحسن الشاذلي - فَقَدِ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى آخِرِهِ هَذَا اللَّفْظُ مُوَافِقٌ لِلَفْظِ التِّلَاوَةِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ: فَقَدِ ابْتَلَى الْمُؤْمِنُونَ، وَلِيَقُولَ الْمُنَافِقُونَ، وَالْقُرْآنُ هُنَالِكَ {ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} [الأحزاب: 11] {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ} [الأحزاب: 12] وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ التِّلَاوَةَ وَلَوْ أُرِيدُ التِّلَاوَةُ لَتَعَيَّنَ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِهَا إِذْ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَزِيدَ حَرْفًا فِي الْقُرْآنِ وَلَا يَنْقُصَ حَرْفًا، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيَقْطَعُ بِهِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَيْفَ الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ؟ وَإِذَا لَمْ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 328
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست