responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 326
الْآيَةَ مَقَامَ خُطْبَةِ الْمَقَامَةِ أَوِ الرِّسَالَةِ أَوْ نَحْوِهَا بِجَامِعِ أَنَّهَا ذِكْرٌ وَالْخُطْبَةُ ذِكْرٌ، كَمَا جَعَلَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» مَقَامَ خُطْبَةِ الْكِتَابِ فَافْتَتَحَ بِهِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْبَسْمَلَةُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْآيَةُ مِنَ الْقُرْآنِ نَاسَبَ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ بَلْ تَكُونُ مُلْصَقَةً بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَارِئَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ أَثْنَاءِ سُورَةٍ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُبَسْمِلَ وَيَقْرَأَ عَقِبَهَا مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَرَادَهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ أَنَّهُ إِذَا بَسْمَلَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ، ثُمَّ يَشْرَعُ فِي الْقِرَاءَةِ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ أَرَادَ إِيرَادَ آيَةٍ لِلِاحْتِجَاجِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ مَحْضَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِحَالٍ، وَلَوْ فَعَلَهُ عُدَّ بِدْعَةً وَخِلَافًا لَمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ سَلَفًا وَخَلَفًا، وَلِمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْقِرَاءَاتِ فِي كُتُبِهِمْ، وَلِمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرِدْ قَطُّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا مِنْ سَائِرِ الْأُمَّةِ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَقْرَءُوا مِنْ أَثْنَاءِ سُورَةٍ يَقُولُونَ عَقِبَ الْبَسْمَلَةِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُفْتَتَحِ قِرَاءَتِهِمْ، بَلْ كَانُوا يَقْرَءُونَ الْآيَةَ مَوْصُولَةً بِالْبَسْمَلَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولُوا: قَالَ اللَّهُ، إِذَا أَرَادُوا إِيرَادَ آيَةٍ لِلِاحْتِجَاجِ عَلَى حُكْمٍ أَوْ نَحْوِهِ يَقُولُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَسْمِلُوا، هَذَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَهَلُمَّ جَرًّا، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ افْتِتَاحَ الْخُطْبَةِ بَسْمَلَ وَوَصَلَ الْبَسْمَلَةَ بِالْآيَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ: قَالَ اللَّهُ، وَلَمَّا أَرَادَ الِاحْتِجَاجَ فِي الْأَبْوَابِ بِالْآيَاتِ قَالَ: قَالَ اللَّهُ، وَذَكَرَ الْآيَةَ مِنْ غَيْرِ بَسْمَلَةٍ، وَعَلَى ذَلِكَ عَمَلُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَبُلَغَائِهَا كَافَّةً.
وَأَمَّا الدَّلِيلُ فَعَامٌّ وَهُوَ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِرَاءَةِ، وَخَاصٌّ وَذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابًا إِلَى الْيَمَنِ فَصَدَّرَهُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ بِآيَةٍ كَالْخُطْبَةِ وَالْعُنْوَانِ وَبَرَاعَةِ الِاسْتِهْلَالِ لِلْكِتَابِ وَوَصَلَهَا بِالْبَسْمَلَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَحْوَهُ، وَبِذَلِكَ اقْتَدَى الْأَئِمَّةُ وَالْبُلَغَاءُ فِي مُكَاتَبَاتِهِمْ وَرَسَائِلِهِمْ وَخُطَبِهِمْ وَإِنْشَاءَاتِهِمْ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ، أَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثَنَا أحمد بن عبد الجبار، ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابن إسحاق، حَدَّثَنِي «عبد الله بن أبي بكر، عَنْ أَبِيهِ أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قَالَ: هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَنَا الَّذِي كَتَبَهُ لعمرو بن حزم حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا وَعَهْدًا فَكَتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لعمرو بن حزم حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَقَّ كَمَا أَمَرَهُ أَنْ يُبَشِّرَ النَّاسَ بِالْخَيْرِ، وَسَاقَ الْكِتَابَ بِطُولِهِ» .

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 326
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست