responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 266
النَّفَقَةِ فِي الْحُرَّةِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: التَّسْلِيمُ لَيْلًا، وَالتَّسْلِيمُ فِي مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَمَةِ، حَيْثُ [جَرَى] الْخِلَافُ فِيهَا بِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ بِالْحُرَّةِ، فَكَانَ امْتِنَاعُهَا مِنَ النُّقْلَةِ نُشُوزًا كَامْتِنَاعِهَا مِنَ الْمُسَافَرَةِ مَعَهُ، وَلَا يَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ بِالْأَمَةِ، فَجَرَى وَجْهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَقْلَهَا فَلَمْ يَكُنْ نُشُوزًا، وَلَا مُسْقِطًا لِلنَّفَقَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَدْ صَرَّحَ النووي أَيْضًا فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَقَالَ: لَوْ سَامَحَ السَّيِّدُ فَسَلَّمَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا فَعَلَى الزَّوْجِ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ، وَتَمَامُ النَّفَقَةِ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهَا إِلَّا لَيْلًا فَهَلْ تَجِبُ جَمِيعُ النَّفَقَةِ، أَوْ نِصْفُهَا أَمْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ الْأَخِيرَانِ فِيمَا إِذَا سَلَّمَتِ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا لَيْلًا، وَاشْتَغَلَتْ عَنِ الزَّوْجِ نَهَارًا. قُلْتُ: الصَّحِيحُ الْجَزْمُ فِي الْحُرَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فِي هَذَا الْحَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَانْظُرْ كَيْفَ صَحَّحَ طَرِيقَةَ الْجَزْمِ فِي الْحُرَّةِ مَعَ إِجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي الْأَمَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: كَيْفَ يَدْخُلُ وَيَسْتَمْتِعُ فِي غَيْرِ مُقَابِلٍ؟ فَجَوَابُهُ: أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ، وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا الْمَهْرُ فَقَالَ الشَّيْخُ أبو حامد: لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ كَالنَّفَقَةِ، وَقَالَ الْقَاضِي أبو الطيب: يَجِبُ، قَالَ ابن الصباغ: لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الَّذِي يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنَ الْوَطْءِ قَدْ حَصَلَ وَلَيْسَ كَالنَّفَقَةِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ بِتَسْلِيمٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْوُجُوبُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَيَسْتَمْتِعُ بِهَا وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ؟ قُلْنَا: الِاسْتِمْتَاعُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَكَيْفَ يَتَخَيَّلُ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِمُطْلَقِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ: وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ إِلَّا بِالتَّمْكِينِ التَّامِّ؟ قَالَ ابن الرفعة فِي الْكِفَايَةِ: احْتَرَزَ الشَّيْخُ بِلَفْظِ التَّامِّ عَمَّا إِذَا قَالَتْ: أَنَا أُسَلِّمُ نَفْسِي إِلَيْكَ لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ، وَفِي نَهَارٍ دُونَ اللَّيْلِ، أَوْ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ فِي الْمَنْزِلِ الْفُلَانِيِّ، فَإِنَّ النَّفَقَةَ لَا تَجِبُ بِذَلِكَ؛ إِذْ لَمْ يَحْصُلِ التَّمْكِينُ الْمُقَابِلُ بِالنَّفَقَةِ، وَقَالَ: وَصُورَةُ التَّمْكِينِ التَّامِّ أَنْ تَقُولَ: سَلَّمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، فَإِنِ اخْتَرْتَ أَنْ تَصِيرَ إِلَيَّ وَتَأْخُذَنِي وَتَسْتَمْتِعَ بِي فَذَاكَ إِلَيْكَ، وَإِنِ اخْتَرْتَ جِئْتُ إِلَيْكَ فِي أَيِّ مَكَانٍ شِئْتَ أَوْ مَا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى.
وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ فِي الْمُهَذَّبِ: إِذَا سُلِّمَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى زَوْجِهَا وَمُكِّنَّ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَنَقَلَهَا إِلَى حَيْثُ يُرِيدُ وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الِاسْتِمْتَاعِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا، فَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا، أَوْ مَكَّنَتْ مِنَ اسْتِمْتَاعٍ دُونَ اسْتِمْتَاعٍ، أَوْ فِي مَنْزِلٍ دُونَ مَنْزِلٍ، أَوْ فِي بَلَدٍ دُونَ بَلَدٍ لَمْ تَجِبِ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدِ التَّمْكِينُ التَّامُّ فَلَمْ تَجِبِ النَّفَقَةُ، كَمَا لَا يَجِبُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ إِذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، أَوْ سَلَّمَ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ.

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست