responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 264
أَخْرُجُ إِلَى بَيْتِكَ، وَالثَّانِي لِلسَّيِّدِ ذَلِكَ؛ لِتَدُومَ يَدُهُ عَلَى مِلْكِهِ، مَعَ تَمَكُّنِ الزَّوْجِ مِنْ حَقِّهِ، فَعَلَى هَذَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ - هَذِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ، أَوْ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا جَاءَ الزَّوْجُ، وَاسْتَمْتَعَ بِهَا فِي مَنْزِلِهَا، بِدَلِيلِ قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ مَحَلَّ مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ فِيمَا إِذَا فَعَلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ بِلَا شَكٍّ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْحُرَّةِ الْمَقِيسُ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَتْ مَسْأَلَةُ الْحُرَّةِ فِيمَا إِذَا لَمْ يَفْعَلُ، وَمَسْأَلَةُ الْأَمَةِ فِيمَا إِذَا فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ الْقِيَاسُ، كَمَا لَا يَخْفَى؛ إِذِ الْفَارِقُ حِينَئِذٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِوُجُودِ الِاسْتِمْتَاعِ فِي هَذَا دُونَ هَذَا، فَإِنْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْأَمَةِ أَيْضًا مَحَلُّهَا فِيمَا إِذَا لَمْ يَفْعَلْ.
قُلْنَا: قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ جلال الدين المحلي فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، بِخِلَافِ ذَلِكَ فَقَالَ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ أَخْلَى السَّيِّدُ فِي دَارِهِ بَيْتًا، وَقَالَ لِلزَّوْجِ: تَخْلُو بِهَا فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ - هَذَا لَفْظُهُ، وَيُقَوِّيهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَمْرَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِيمَا إِذَا لَمْ يَدْخُلْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قَوْلٌ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ، فَإِنَّ الزَّوْجَ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَالشَّرْحُ كَمَا تَرَى، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إِذَا دَخَلَ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَمَسْأَلَةِ مَا إِذَا اسْتَخْدَمَهَا السَّيِّدُ نَهَارًا، وَسَلَّمَهَا لِلزَّوْجِ لَيْلًا، وَالْمُرَجَّحُ فِي تِلْكَ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ مَعَ دُخُولِهِ وَاسْتِمْتَاعِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ، فَكَذَا هَذِهِ، بَلْ هَذِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَرَجَ فِيهَا أَضْيَقُ مِنْ تِلْكَ، فَإِنَّهُ هُنَاكَ تَسَلَّمَهَا نِصْفَ تَسْلِيمٍ؛ وَهُوَ اللَّيْلُ كُلُّهُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُنَا لَمْ يَتَسَلَّمْهَا أَصْلًا، وَيُؤَكِّدُ مَا قُلْنَاهُ مِنَ الْأَوْلَوِيَّةِ أَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ السَّيِّدِ لَا أُسَلِّمُهَا إِلَيْكَ نَهَارًا بَلْ لَيْلًا فَقَطْ مَقْبُولٌ مِنْهُ وَمُجَابٌ إِلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: " لَا أُخْرِجُهَا مِنْ دَارِي، وَلَكِنْ أُخَلِّي لَكَ بَيْتًا فِيهَا " غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ وَلَا مُجَابٍ إِلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَلْزَمِ الزَّوْجَ نَفَقَةٌ فِي حَالَةٍ مُجَابٌ إِلَيْهَا السَّيِّدُ شَرْعًا، فَكَيْفَ يَتَخَيَّلُ أَنَّ تَلْزَمَهُ النَّفَقَةُ فِي حَالَةٍ لَا يُجَابُ السَّيِّدُ إِلَيْهَا شَرْعًا - هَذَا مَا أَفْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ.
وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: لَوْ قَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَا أُمَكِّنُ إِلَّا فِي بَيْتِي، أَوْ فِي مَوْضِعِ كَذَا، أَوْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ، وَعَبَّرَ الرافعي فِي الشَّرْحِ بِأَوْضَحَ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، فَقَالَ: وَلَوْ قَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَا أُمَكِّنُ إِلَّا فِي بَيْتِي، أَوْ فِي بَيْتِ كَذَا، أَوْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ التَّامَّ لَمْ يُوجَدْ، وَهَذَا كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ، وَشَرَطَ أَنْ لَا يَنْقُلَهُ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا هَذِهِ عِبَارَةُ الرافعي فَانْظُرْ كَيْفَ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ التَّمْكِينَ التَّامَّ لَمْ يُوجَدْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ وُجِدَ تَمْكِينٌ نَاقِصٌ، وَالتَّمْكِينُ النَّاقِصُ لَا تَجِبُ مَعَهُ نَفَقَةٌ وَإِنِ اسْتَمْتَعَ الزَّوْجُ، كَمَا عَلَّلُوا بِهِ مَسْأَلَةَ الْأَمَةِ إِذَا اسْتَخْدَمَهَا السَّيِّدُ نَهَارًا وَأَسْلَمَهَا لِلزَّوْجِ لَيْلًا فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ مَعَ رِضَاهُ بِهِ، وَإِجْبَارِهِ عَلَيْهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَمْكِينٍ تَامٍّ، وَانْظُرْ أَيْضًا كَيْفَ شَبَّهَهُ الرافعي بِمَسْأَلَةِ تَسْلِيمِ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست