responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 247
السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ.
الثَّانِي: عَلَى اعْتِبَارِ الْعُمُومِ اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ عَلَى تَفْسِيرِ الْخَطَأِ فِي الْآيَةِ بِمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ عَلَى مَا سَبَقَ إِلَيْهِ اللِّسَانُ مِنَ الْأَيْمَانِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ فِيهِ، وَلِهَذَا عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] كَمَا قَالَ هُنَاكَ: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225] .
الثَّالِثُ: عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَطَأِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَى الْجُنَاحِ، قَالَ الجوهري فِي الصِّحَاحِ: الْجُنَاحُ، بِالضَّمِّ: الْإِثْمُ، هَذِهِ عِبَارَتُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْإِثْمِ نَفْيُ الْكَفَّارَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاتِلَ خَطَأً عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِجْمَاعًا، وَكَذَا الْجَانِي فِي الْإِحْرَامِ بِإِزَالَةِ شَعَرٍ أَوْ نَحْوِهِ خَطَأً، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَكَفَّارَةَ الْيَمِينِ مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لَا الْوَضْعِ، فَقَدْ أَبْعَدَ، وَلَيْتَ شِعْرِي مَا يَقُولُ الْمُحْتَجُّ بِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ فِيمَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ جَاهِلًا، فَإِنْ قَالَ: لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَخْذًا بِعُمُومِهَا، فَقَدْ خَالَفَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ، وَإِنْ قَالَ أُلْزِمُهُ الْإِعَادَةَ وَلَا أُقَيِّدُهُ بِجَهْلِهِ إِلَّا عَدَمَ الْإِثْمِ، فَقَدْ سَلِمَ مَا قُلْنَاهُ.

(تَنْبِيهٌ) فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا تَحْرِيرُ النَّقْلِ وَالدَّلِيلِ، فَمَا تَحْرِيرُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُضِيِّ وَالِاسْتِقْبَالِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ حَيْثُ قُلْتَ بِالْحِنْثِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؟ قُلْتُ: تَحَرَّرَ لِي فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ فُرُوقٍ:
أَحَدُهَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابن رزين أَنَّ الِانْتِهَاكَ وَنَحْوَهُ فِي الْأَوَّلِ وَقَعَ حَالَةَ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الثَّانِي، فَإِنَّ نَفْسَ الْيَمِينِ صَدَرَتْ سَالِمَةً مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ طَرَأَ ذَلِكَ بَعْدَهَا، وَكَانَ هَذَا رَاجَعًا إِلَى أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْأَثْنَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.
الثَّانِي: مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ تَرْكَ الْحِنْثِ فِي الْأَوَّلِ يُؤَدِّي إِلَى إِلْغَاءِ الْيَمِينِ الصَّادِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِلْغَاءُ يَمِينٍ مَقْصُودَةٍ لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهَا اللِّسَانُ بِعِيدٌ، بِخِلَافِ الثَّانِي، فَإِنَّ تَرْكَ الْحِنْثِ فِيهِ لَا يُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْحَلُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَتُؤَثِّرُ بَعْدَ ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: وَهُوَ أَقْوَاهَا عِنْدِي - وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ - أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى الْمَاضِي غَيْرُ مَعْذُورٍ، بِخِلَافِ الْحَالِفِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ، وَبَيَانُ كَوْنِهِ غَيْرَ مَعْذُورٍ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى الْمَاضِي لَا يَقْصِدُ بِهِ إِلَّا تَحْقِيقَ الْخَبَرِ؛ إِذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَثٌّ وَلَا مَنْعٌ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَثْبِتَ قَبْلَ الْحَلِفِ بِخِلَافِ الْحَالِفِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنَّ قَصْدَهُ الْحَثُّ أَوِ الْمَنْعُ، فَلَهُ فِي الْحَلِفِ قَصْدٌ صَحِيحٌ، وَالِاسْتِثْبَاتُ فِيهِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ، فَإِذَا وَقَعَ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَعَ جَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ كَانَ مَعْذُورًا، بِخِلَافِ الْحَالِفِ عَلَى الْمَاضِي غَيْرَ مُسْتَثْبِتٍ وَلَا مُتَحَقِّقٍ، فَإِنَّهُ مُقَصِّرٌ غَيْرُ مَعْذُورٍ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنَّ ظَنَّهُ كَذَا أَوْ مُعْتَقَدَهُ أَوْ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ عِلْمُهُ،

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 247
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست