responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 241
تَصْحِيحُهُ فِي الْمُضِيِّ بِمُجَرَّدِ إِجْرَاءِ الْخِلَافِ، فَلَأَنْ لَا يُنْسَبَ إِلَيْهِ تَصْحِيحٌ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ عَدَمِ تَصْحِيحِهِ فِي الْأُولَى أَوْلَى.
وَمِنْهَا أَنَّ فِي فَتَاوَى النَّوَوِيَّ الْإِشَارَةَ إِلَى الْفَرْقِ، فَإِنَّهُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي حِنْثِ النَّاسِي وَصَحَّحَ عَدَمَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا، فَيَفْعَلُهُ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ أَوْ جَاهِلًا أَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، فَتَصْوِيرُهُ الْمَسْأَلَةَ بِذَلِكَ يُشْعِرُ بِأَنَّ صُورَةَ الْمُضِيِّ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلتَّصْوِيرِ بِذَلِكَ فَائِدَةٌ، وَكَانَ فِيهِ إِخْلَالٌ، فَكَيْفَ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ صَنِيعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ إِذَا حَكَمُوا بِحُكْمٍ ثُمَّ قَالُوا: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَذَا، فَإِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ إِخْرَاجَ بَقِيَّةِ صُوَرِهَا مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ مَارَسَ كَلَامَ الْعُلَمَاءِ وَتَصَانِيفَهُمْ، وَمِنْهَا أَنَّ جَمْعًا مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ صَرَّحُوا بِالْمَسْأَلَةِ وَبِتَصْحِيحِ الْحِنْثِ فِيهَا، مِنْهُمُ ابن الصلاح فِي فَتَاوِيهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرِ المحاملي فِي رُؤُوسِ الْمَسَائِلِ إِلَّا الْحِنْثَ، وَمِنْهُمْ قَاضِي الْقُضَاةِ تقي الدين بن رزين وَبَالَغَ فِي بَسْطِ الْكَلَامِ فِيهَا، وَقَدْ سُقْتُ عِبَارَتَهُ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ بِطُولِهَا، وَنَذْكُرُ هُنَا الْمَقْصُودَ مِنْهَا، قَالَ: لِلْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ حَالَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاقِعًا فِي نَفْسِ الْيَمِينِ أَوِ الطَّلَاقِ، كَمَا إِذَا دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ وَجَهِلَ ذَلِكَ الْحَالِفُ أَوْ عَلِمَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الدَّارِ، فَهَذِهِ الْيَمِينُ ظَاهِرُهَا تَصْدِيقُ نَفْسِهِ فِي النَّفْيِ وَقَدْ يَعْرِضُ فِيهَا أَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي اعْتِقَادِهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إِلَيْهِ عِلْمُهُ؛ أَيْ: لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ، وَلَا يَكُونُ قَصْدُهُ الْجَزْمَ بِأَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ تَرْجِعُ يَمِينُهُ إِلَى أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ كَذَا أَوْ يَظُنُّهُ، وَهُوَ صَادِقٌ فِي أَنَّهُ مُعْتَقِدٌ ذَلِكَ أَوْ ظَانٌّ لَهُ، فَإِنْ قَصَدَ الْحَالِفُ ذَلِكَ حَالَةَ الْيَمِينِ أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ مُتَّصِلًا بِهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ قَصَدَ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ أَوْ أَطْلَقَ فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ قَوْلَانِ، مَأْخَذُهُمَا أَنَّ النِّسْيَانَ وَالْجَهْلَ هَلْ يَكُونَانِ عُذْرًا فِي ذَلِكَ كَمَا كَانَا عُذْرًا فِي بَابِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، أَمْ لَا، كَمَا لَمْ يَكُونَا عُذْرًا فِي غَرَامَاتِ الْمُتْلَفَاتِ؟ وَيَقْوَى إِلْحَاقُهَا بِالْإِتْلَافِ، فَإِنَّ الْحَالِفَ بِاللَّهِ أَنَّ زَيْدًا فِي الدَّارِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا قَدِ انْتَهَكَ حُرْمَةَ الِاسْمِ الْمُعَظَّمِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، فَهُوَ كَالْجَانِي خَطَأً، وَالْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ إِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا، فَقَدْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ الَّذِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَّا لِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى عَدَمِ كَوْنِهِ فِي الدَّارِ، وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فِي عَدَمِ كَوْنِهِ فِي الدَّارِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ بِغَيْرِ صِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَقَدْ خَرَجَ زَيْدٌ مِنَ الدَّارِ، وَكَقَوْلِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَيْسَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ، فَهَذَا إِذَا قَصَدَ بِهِ الْيَمِينَ جَرَى مَجْرَى التَّعْلِيقِ وَإِلَّا لَوَقَعَ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست