responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 24
وَانْطِلَاقُ لِفْظِ الْإِهَابِ عَلَى الْجَمِيعِ. انْتَهَى.

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ الْقِيَاسِيَّةِ عَلَى طَهَارَةِ الشَّعْرِ بِالدِّبَاغِ تَبَعًا لِلْجِلْدِ الْقِيَاسُ عَلَى دَنِّ الْخَمْرِ إِذَا صَارَتْ خَلًّا، فَإِنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا لَهَا، فَإِنِ اعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّ ذَاكَ مِنْ مَحَلِّ الضَّرُورَةِ، قُلْنَا: وَهَذَا مِنْ مَحَلِّ الْحَاجَةِ، وَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ فِي قَوَاعِدِهِمْ عَلَى أَنَّ الْحَاجَةَ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ.
وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ مَسْأَلَةُ مَا لَوْ وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ، فَإِنَّ الْمَاءَ وَالْإِنَاءَ يُنَجَّسَانِ مَعًا فَلَوْ كُوثِرَ الْمَاءُ حَتَّى بَلَغَ قُلَّتَيْنِ، فَإِنَّ الْمَاءَ يَطْهُرُ وَكَذَا الْإِنَاءُ تَبَعًا لَهُ فِي أَحَدِ الْأَوْجُهِ، فَهَذَا حُكْمٌ بِالطَّهَارَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِطِهَارَةِ الشَّعْرِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ لِلْجِلْدِ.
وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ مَسْأَلَةُ الدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ، فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ تَبَعًا لِلَّحْمِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ كَمَا ارْتَضَاهُ النووي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَقَالَ: قَدْ ذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ الْمُفَسِّرُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَنُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَدَلِيلُهُ الْمَشَقَّةُ فِي الِاحْتِرَازِ مِنْهُ، وَصَرَّحَ أحمد وَأَصْحَابُهُ بِأَنَّ مَا يَبْقَى مِنَ الدَّمِ فِي اللَّحْمِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَلَوْ عَلَتْ حُمْرَةُ الدَّمِ فِي الْقِدْرِ لَعَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَحَكَوْهُ عَنْ عائشة، وعكرمة، وَالثَّوْرِيِّ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وأبي يوسف، وأحمد، وإسحاق، وَغَيْرِهِمْ.
قُلْتُ: مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الدَّمِ النَّجَاسَةُ، وَهِيَ فِيهِ أَظْهَرُ مِنْهَا فِي الشَّعْرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَئِمَّةِ عَلَى عَدَمِ تَنْجِيسِ الشَّعْرِ بِالْمَوْتِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهِ تَبَعًا لِلْجِلْدِ أَوْلَى وَأَقْوَى مِنَ الْحُكْمِ بِطَهَارَةِ الدَّمِ تَبَعًا لِلَّحْمِ.
اسْتِدْلَالٌ آخَرُ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ قِيَامَ الْعَكْسِ: قَالُوا: إِذَا جُزَّ الشَّعْرُ مِنَ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ الْمَأْكُولِ، فَهُوَ طَاهِرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] امْتَنَّ بِهِ فَكَانَ طَاهِرًا وَالْمَأْخُوذُ بِهِ مِنَ الْمَذْبُوحِ لَا يَفِي بِالْحَاجَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، فَكَانَ شَامِلًا لِمَا جُزَّ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَلَوْ قُطِعَ فِي الْحَيَاةِ عُضْوٌ عَلَيْهِ شَعْرٌ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الشَّعْرِ تَبَعًا لِلْعُضْوِ الْمَحْكُومِ بِنَجَاسَتِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ مَيِّتٌ» .
فَكَمَا حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الشَّعْرِ تَبَعًا لِلْجُزْءِ الْمُتَّصِلِ بِهِ الْمَحْكُومُ بِنَجَاسَتِهِ كَذَلِكَ قِيَاسُهُ عَكْسُهُ إِذَا حُكِمَ بِطَهَارَةِ الْجِلْدِ بِالدِّبَاغِ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الشَّعْرِ الْمُتَّصِلِ بِهِ تَبَعًا، وَشَاهِدُ أَصْلِ قِيَاسِ الْعَكْسِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ، وَلَهُ فِيهَا

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست