responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 239
[الْقَوْلُ الْمُضِيُّ فِي الْحِنْثِ فِي الْمُضِيِّ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى. وَبَعْدُ، فَقَدْ تَكَرَّرَ السُّؤَالُ عَمَّنْ حَلَفَ أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا أَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ، أَوْ كَانَ كَذَا أَوْ لَمْ يَكُنْ، نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ، هَلْ يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ وَالطَّلَاقِ أَوْ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ؟ فَأَجَبْتُ بِأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ الْحِنْثُ بِخِلَافِ صُورَةِ الِاسْتِقْبَالِ، وَمُعْتَمَدِي فِي ذَلِكَ نُقُولٌ صَرِيحَةٌ وَغَيْرُهَا مِنْ كَلَامِ الرافعي والنووي وَابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْهُمُ التَّصْرِيحُ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ صُورَتَيِ الْمُضِيِّ وَالِاسْتِقْبَالِ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ سَأَذْكُرُ تَأْوِيلَهُ.
فَأَقُولُ: أَمَّا تَصْرِيحُ الرافعي والنووي فَفِي مَوَاضِعَ:
أَحَدُهَا: قَالَا فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ: لَوْ أَشَارَ إِلَى ذَهَبٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ، وَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبَ طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إِلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ الْعِلْمُ بِهِ. هَذِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَهِيَ إِحْدَى صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ بِلَا شَكٍّ، فَحَلِفُهُ بِذَلِكَ إِمَّا عَنْ جَهْلٍ بِهِ أَوْ نِسْيَانٍ، فَلَا يَصِحُّ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ مَعَ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَطْلُقُ قَطْعًا، فَلَا يَصِحُّ حِكَايَةُ خِلَافٍ فِيهِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ فَرْضَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ الإسنوي وَالْأَذْرُعِيُّ، ثُمَّ تَعَقَّبَهُ الْأَوَّلُ بِمَا اخْتَارَهُ مِنْ عَدَمِ حِنْثِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي مُطْلَقًا، وَسَيَأْتِي مُسْتَنَدُهُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ، وَأَمَّا الْأَذْرُعِيُّ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ قَالَ هُنَا: مَأْخَذُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِنْثِ وَهُوَ الْجَهْلُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِيَارٌ لَهُ، وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي تَرْجِيحِ الْحِنْثِ.
الْمَوْضِعُ الثَّانِي: قَالَا فِي آخِرِ الْبَابِ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الشيخ إبراهيم المروذي وَأَقَرَّاهُ: لَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مِنَ اللَّهِ، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ: إِنْ كَانَا مِنَ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، أَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أبو بكر أَفْضَلَ مِنْ علي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الرَّافِضِيُّ: إِنْ لَمْ يَكُنْ علي أَفْضَلَ مِنْ أبي بكر فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَعَ طَلَاقُ الْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ.
وَهَذِهِ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ بِلَا شَكٍّ، فَإِنَّ حَلِفَ الْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ صَادِرٌ عَنْ مُعْتَقَدِهِمَا وَغَلَبَةِ ظَنِّهِمَا، وَلَمْ يَتَعَقَّبِ الإسنوي فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا الْمَوْضِعَ، فَإِنْ قُلْتَ: لَا يَصِحُّ الِاسْتِنَادُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ هُنَا لِفَسَادِ هَذَا الظَّنِّ، فَلَا عُذْرَ لَهُ، قُلْتُ: هُوَ عَيْنُ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست