responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 226
عِبَارَةِ ابن عبد السلام، وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي، إِلَى آخِرِهِ هُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرَ أَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهِ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ الَّتِي ضُمَّتْ إِلَيْهِ لَا مِنْ حَيْثُ الِاجْتِمَاعُ لِإِظْهَارِ شِعَارِ الْمَوْلِدِ، بَلْ لَوْ وَقَعَ مِثْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي الِاجْتِمَاعِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا لَكَانَتْ قَبِيحَةً شَنِيعَةً، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ ذَمُّ أَصْلِ الِاجْتِمَاعِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَقَدْ رَأَيْنَا بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ يَقَعُ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، فَهَلْ يُتَصَوَّرُ ذَمُّ الِاجْتِمَاعِ لِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ لِأَجْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي قُرِنَتْ بِهَا؟ كَلَّا بَلْ نَقُولُ: أَصْلُ الِاجْتِمَاعِ لِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ وَقُرْبَةٌ، وَمَا ضُمَّ إِلَيْهَا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ قَبِيحٌ وَشَنِيعٌ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ: أَصْلُ الِاجْتِمَاعِ لِإِظْهَارِ شِعَارِ الْمَوْلِدِ مَنْدُوبٌ وَقُرْبَةٌ، وَمَا ضُمَّ إِلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مَذْمُومٌ وَمَمْنُوعٌ، وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ، إِلَى آخِرِهِ. جَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ أَوَّلًا: إِنَّ وِلَادَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ النِّعَمِ عَلَيْنَا، وَوَفَاتَهُ أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ لَنَا، وَالشَّرِيعَةُ حَثَّتْ عَلَى إِظْهَارِ شُكْرِ النِّعَمِ وَالصَّبْرِ وَالسُّكُونِ وَالْكَتْمِ عِنْدَ الْمَصَائِبِ، وَقَدْ أَمَرَ الشَّرْعُ بِالْعَقِيقَةِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَهِيَ إِظْهَارُ شُكْرٍ وَفَرَحٍ بِالْمَوْلُودِ، وَلَمْ يَأْمُرْ عِنْدَ الْمَوْتِ بِذَبْحٍ وَلَا بِغَيْرِهِ بَلْ نَهَى عَنِ النِّيَاحَةِ وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ، فَدَلَّتْ قَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْسُنُ فِي هَذَا الشَّهْرِ إِظْهَارُ الْفَرَحِ بِوِلَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ إِظْهَارِ الْحُزْنِ فِيهِ بِوَفَاتِهِ، وَقَدْ قَالَ ابن رجب فِي كِتَابِ اللَّطَائِفِ فِي ذَمِّ الرَّافِضَةِ حَيْثُ اتَّخَذُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا لِأَجْلِ قَتْلِ الحسين: لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ بِاتِّخَاذِ أَيَّامِ مَصَائِبِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَوْتِهِمْ مَأْتَمًا، فَكَيْفَ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُمْ؟!
وَقَدْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ فِي كِتَابِهِ الْمَدْخَلِ عَلَى عَمَلِ الْمَوْلِدِ، فَأَتْقَنَ الْكَلَامَ فِيهِ جِدًّا، وَحَاصِلُهُ مَدْحُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ شِعَارٍ وَشُكْرٍ، وَذَمِّ مَا احْتَوَى عَلَيْهِ مِنْ مُحَرَّمَاتٍ وَمُنْكَرَاتٍ، وَأَنَا أَسُوقُ كَلَامَهُ فَصْلًا فَصْلًا، قَالَ:

(فَصْلٌ فِي الْمَوْلِدِ) وَمِنْ جُمْلَةِ مَا أَحْدَثُوهُ مِنَ الْبِدَعِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرَ الْعِبَادَاتِ وَإِظْهَارِ الشَّعَائِرِ مَا يَفْعَلُونَهُ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنَ الْمَوْلِدِ، وَقَدِ احْتَوَى ذَلِكَ عَلَى بِدَعٍ وَمُحَرَّمَاتٍ جَمَّةٍ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: اسْتِعْمَالُهُمُ الْمَغَانِيَ وَمَعَهُمْ آلَاتُ الطَّرَبِ مِنَ الطَّارِ الْمُصَرْصِرِ وَالشَّبَّابَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَعَلُوهُ آلَةً لِلسَّمَاعِ وَمَضَوْا فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَوَائِدِ الذَّمِيمَةِ فِي كَوْنِهِمْ يَشْتَغِلُونَ أَكْثَرَ الْأَزْمِنَةِ الَّتِي فَضَّلَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَظَّمَهَا بِبِدَعٍ وَمُحَرَّمَاتٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّمَاعَ فِي غَيْرِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِيهِ مَا فِيهِ، فَكَيْفَ بِهِ إِذَا انْضَمَّ إِلَى فَضِيلَةِ هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 226
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست