responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 180
مُشَارِكٌ بِيَدِهِ حِصَّةٌ، وَوَلَدَا الْأَخِ لَا شَيْءَ بِأَيْدِيهِمَا فَلَا مُشَارَكَةَ لَهُمَا، وَهَذَا الْقَدْرُ الْمُؤَكَّدُ عِلَاوَةٌ وَلَيْسَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا بَلِ الْمُعَوَّلُ عَلَى مَا صَدَّرْنَا بِهِ.

مَسْأَلَةٌ: أَرْضٌ مِنْ أَرَاضِي مِصْرَ بِيَدِ جَمَاعَةٍ بَكْرِيَّةٍ يَسْتَغِلُّونَهَا، فَسَأَلَهُمُ السُّلْطَانُ عَنْ مُسْتَنَدِهِمْ فَأَظْهَرُوا مُحْضَرًا ثَابِتًا عَلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ أَنَّهَا وَقْفُ السُّلْطَانِ صلاح الدين بن أيوب عَلَيْهِمْ بِشَهَادَةِ جَمَاعَةٍ مُسْتَنَدُهُمُ السَّمَاعُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ، وَحَكَمَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ؟ وَهَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ بَعْضَ أَرَاضِي مِصْرَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجِهَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ وَهَلْ لِلْمُخَالِفِ الَّذِي يَرَى أَنَّ مِصْرَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَنَّ أَرَاضِيَهَا لَا تُمَلَّكُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِإِبْطَالِ ذَلِكَ؟ .
الْجَوَابُ: نَعَمْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ بَعْضَ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ شِرَاءٍ عَلَى مِثْلِ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَذْهَبِ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَصَرَّحَ بِصِحَّتِهِ القاضي حسين، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ، وأسعد الميهني والشاشي، وَابْنُ الصَّلَاحِ، والنووي، وَقَالَ ابن الرفعة فِي الْمَطْلَبِ: إِنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَصَرَّحَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدَ تَغْيِيرِهِ، وَأَمَّا السبكي فَاخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْوَقْفُ، لَكِنْ مَا وَجَدْنَاهُ مَوْقُوفًا لِأَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُغَيِّرَهُ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ التَّغْيِيرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ حَكَى ابن الصلاح فِي مَجَامِيعِهِ صُورَةَ اسْتِفْتَاءٍ فِي أَرَاضِي وَقَفَهَا الْخَلِيفَةُ أَوِ السُّلْطَانُ نَائِبُ الْخَلِيفَةِ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ عَقِبِهِ هَلْ يَصِحُّ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنَ الْوُلَاةِ تَغْيِيرُهُ وَصَرْفُهُ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى؟ فَأَجَابَ عُلَمَاءُ ذَلِكَ الْعَصْرِ مِنْ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ أَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ وَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ اعْتِرَاضَهُ وَلَا تَغْيِيرَهُ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَنْ أَفْتَى فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ، وَهُوَ كَانَ عَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَنِ السُّلْطَانَيْنِ الْعَادِلَيْنِ نُورِ الدِّينِ الشَّهِيدِ، وَصَلَاحِ الدِّينِ بْنِ أَيُّوبَ وَكَانَ مُفْتِيهِمَا وَقَاضِيهِمَا، وَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُمَا مَا وَقَفَا الَّذِي وَقَفَاهُ إِلَّا بِإِفْتَائِهِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ وَقْفَ هَذِهِ الْأَرْضِ عَلَى الْمَذْكُورِينَ صَحِيحٌ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَغْيِيرُهُ وَلَا نَقْلُهُ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى، وَثُبُوتُ ذَلِكَ بِالشَّهَادَةِ الْمُسْتَنِدَةِ إِلَى الِاسْتِفَاضَةِ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ صَحِيحٌ، أَمَّا فِي الْوَقْفِ فَأَصْلًا، وَأَمَّا فِي الْمُسْتَحِقِّينَ فَضِمْنًا كَمَا قَالَهُ ابن الصلاح، وابن الفركاح، وَلَيْسَ لِلْمُخَالِفِ الَّذِي يَرَى أَنَّ مِصْرَ فُتِحَتْ عَنْوَةً أَنْ يَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ بِنَقْضٍ وَلَا إِبْطَالٍ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ فِي الْأَصْلِ حَاكِمٌ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست