responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 163
مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ غَصْبٌ، هَذَا وَهُوَ مِمَّا لَا يَدُومُ فَكَيْفَ بِالْبِنَاءِ عَلَى النَّهْرِ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: أَنَّ حَرِيمَ الْعُيُونِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَحَرِيمَ الْأَنْهُرِ أَلْفُ ذِرَاعٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ فَقِيلَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَقِيلَ خَمْسُونَ، وَقِيلَ ثَلَاثُمِائَةٍ، وَقِيلَ خَمْسُمِائَةٍ نَقَلَهُ الشَّيْخُ أبو الحسن اللخمي فِي تَبْصِرَتِهِ، وابن يونس فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يَحُدَّ مالك فِي ذَلِكَ حَدًّا إِلَّا مَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ، فَعَلَى هَذَا وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مَنْ أَلْفِ ذِرَاعٍ إِذَا أَضَرَّ بِهِمْ يُمْنَعُ، ثُمَّ أَفْضَى الْأَمْرُ مِنْ أَجْلِ كَثْرَةِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ إِلَى أَنِ امْتَنَعَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْهُ لِلشُّرْبِ وَغَيْرِهِ، إِلَّا مَوَاضِعَ قَلِيلَةً، ثُمَّ جَرَتْ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ إِلَى أَنْ وَصَلَتْ إِلَى عِمَادِ الدِّينِ وَأَصْلِهِ وَهُوَ فَسَادُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا صَلَّى أَحَدٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَقَعَ فِيهَا خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَهَذَا مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ، ثُمَّ إِنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْبَحْرِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَفْضَلَ شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الْعِمَارَةِ غَالِبًا أَوْ يَنْهَدِمَ هُنَاكَ شَيْءٌ مِنَ الدُّورِ فَيَقَعُ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ فَتَجِيءُ الْمَرَاكِبُ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ خَبَرٌ فَتَمُرُّ عَلَى ذَلِكَ فَتَكْسِرُهَا غَالِبًا، سِيَّمَا إِذَا كَانَتِ الْحِجَارَةُ مَبْنِيَّةً بَارِزَةً مَعَ الزَّرَابِيِّ الْخَارِجَةِ عَنِ الْبُيُوتِ فِي دَاخِلِ الْبَحْرِ، ثُمَّ مَعَ هَذِهِ الْأَذِيَّةِ يَمْنَعُونَ أَصْحَابَ الْمَرَاكِبِ مِنْ أَنْ يَلْتَصِقُوا إِلَيْهَا وَالْمَوْضِعُ مُبَاحٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ اخْتِصَاصٌ، ثُمَّ إِنَّ الْمَرَاكِبَ قَدْ تَأْتِي فِي وَقْتِ هَوْلِ الْبَحْرِ مَعَ ثِقْلِهَا بِالْوَسْقِ فَيُرِيدُ صَاحِبُهَا أَنْ يُرْسِيَ فِي الْمَوْضِعِ الْقَرِيبِ مِنْهُ لِيَسْلَمَ مِنْ آفَاتِ الْبَحْرِ فَلَا يَجِدَ لِذَلِكَ سَبِيلًا مِنْ كَثْرَةِ الدُّورِ الَّتِي هُنَاكَ فَيَمْضِي لِسَبِيلِهِ حَتَّى يُجَاوِزَ الدُّورَ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِغَرَقِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي ذِمَّةِ الْبَانِي هُنَاكَ، قَالَ: وَقَدْ نَقَلَ ابن رشد أَنَّ حُكْمَ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَوَاضِعِهِ وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: بَعِيدٌ مِنَ الْعُمْرَانِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ لَا ضَرَرَ عَلَى أَحَدٍ فِي إِحْيَائِهِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ فِي إِحْيَائِهِ ضَرَرٌ، فَأَمَّا الْبَعِيدُ مِنَ الْعُمْرَانِ فَلَا يُحْتَاجُ فِي عُمْرَانِهِ إِلَى اسْتِئْذَانِ الْإِمَامِ إِلَّا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ عَلَى مَا حَكَى ابن حبيب، وَأَمَّا الْقَرِيبُ مِنْهُ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِي إِحْيَائِهِ عَلَى أَحَدٍ فَلَا يَجُوزُ إِحْيَاؤُهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ، وَأَمَّا الْقَرِيبُ مِنْهُ الَّذِي فِي إِحْيَائِهِ ضَرَرٌ كَالْأَفْنِيَةِ الَّتِي يَكُونُ أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْهَا ضَرَرًا بِالطَّرِيقِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ إِحْيَاؤُهُ بِحَالٍ وَلَا يُبِيحُ ذَلِكَ الْإِمَامُ - هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ ابن الحاج بِحُرُوفِهِ، وَمَسْأَلَةُ السَّجَّادَةِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا يَأْتِي نَقْلُهَا آخِرَ الْكِتَابِ، وَقَدْ رَاجَعْتُ التَّنْبِيهَاتِ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ، وَالتَّبْصِرَةَ للخمي، وَاللُّبَابَ فِي شَرْحِ ابن الجلاب، وَالْجَوَاهِرَ لِابْنِ شَاسٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ فَوَجَدْتُهَا مُتَّفِقَةً عَلَى مَا نَقَلَ ابن الحاج.

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست