responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 157
مُرَشِّحًا لِمَا ذَكَرَهُ فَقَالَ: وَجَوَّزُوا - أَيْ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ - لِلْمُقْطَعِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَرْشِيحًا لِجَوَازِ حَفْرِ الْبِئْرِ فِي الشَّارِعِ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ الَّذِي هُوَ الْأَظْهَرُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ فِي مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ الْجَوَازَ لِمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ بِسِيَاقِ ذَلِكَ بِنَاءُ الْخِلَافِ عَلَى الْخِلَافِ وَالتَّرْشِيحِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بِنَاءِ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أُخْرَى أَنْ يَسْتَوِيَا فِي التَّرْجِيحِ، وَأَمَّا اعْتِرَاضُهُمْ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: وَيَتَمَلَّكُهُ بِأَنَّ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِتَمَلُّكِ الشَّارِعِ الْمَحْكِيَّ فِي إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ وَلَا يُعَوَّلُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعْزَى إِلَى الْأَكْثَرِينَ فَإِنَّهُ يَنْدَفِعُ بِأَيْسَرِ شَيْءٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي يَتَمَلَّكُهُ عَائِدٌ إِلَى الشَّارِعِ وَنَحْنُ نَقُولُ لَيْسَ عَائِدًا إِلَى الشَّارِعِ بَلْ إِلَى الْبِنَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: يَبْنِي فِيهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ تَرْشِيحًا لِجَوَازِ حَفْرِ الْبِئْرِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَتْ فِرْقَةٌ بِجَوَازِ أَنْ يَبْنِيَ فِي الشَّارِعِ مَا يَكُونُ مِلْكًا لِبَانِيهِ، فَجَوَازُ حَفْرِ الْبِئْرِ الَّتِي لَا تُمْلَكُ وَتُجْعَلُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى.
هَذَا مَا تَيَسَّرَ تَأْوِيلُ كَلَامِ الرافعي عَلَيْهِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ تَكَلُّفٍ، فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ نِسْبَةِ الإمام الرافعي إِلَى السَّهْوِ وَالذُّهُولِ، وَمِنَ النُّقُولِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَوْدًا وَانْعِطَافًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ ابن القاص فِي تَلْخِيصِهِ: الْقَطَائِعُ فِرْقَتَانِ: أَحَدُهُمَا: مَضَى، وَالثَّانِي: إِقْطَاعُ إِرْفَاقٍ لَا يُمْلَكُ مِثْلَ الْمَقَاعِدِ فِي الْأَسْوَاقِ هُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْوَالِيَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُقْطِعَ الْمَقَاعِدَ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا لَهُ أَنْ يُقْطِعَ الْمَوَاتَ مِنْ مُحْيِيهِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ: الْإِمَامُ هَلْ لَهُ أَنْ يُقْطِعَ مَقَاعِدَ الْأَسْوَاقِ؟ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَوَاتِ، وَذَكَرَ فِي الْوَسِيطِ نَحْوَهُ، وَقَالَ الجرجاني فِي الْبُلْغَةِ: وَأَمَّا الشَّوَارِعُ وَالرِّحَابُ الْوَاسِعَةُ فَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَرْتَفِقَ بِالْقُعُودِ فِيهَا لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْمُجْتَازِينَ وَمَتَى تَرَكَهَا كَانَ غَيْرُهُ أَحَقَّ بِهَا، وَإِنْ قَامَ عَنْهَا لِيَعُودَ إِلَيْهَا فِي غَدٍ كَانَ أَوْلَى بِهَا، فَإِنْ أَقْطَعَ الْإِمَامُ مَكَانًا مِنْهَا كَانَ الْمُقْطَعُ أَحَقَّ بِالِارْتِفَاقِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ القاضي حسين فِي تَعْلِيقِهِ: الْإِقْطَاعُ قِسْمَانِ، أَحَدُهُمَا: إِقْطَاعُ تَمْلِيكٍ وَهُوَ الْمَوَاتُ الَّذِي يَتَمَلَّكُهُ الْمُقْطَعُ بِإِحْدَاثِ أَمْرٍ فِيهِ، وَالثَّانِي إِقْطَاعُ إِرْفَاقٍ وَهُوَ مِثْلُ الرِّبَاطَاتِ وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَهَا مَنْ شَاءَ لِيَجْلِسَ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا، إِذَا كَانَ لَا يَتَضَرَّرُ الْمَارَّةُ بِهِ إِذْ لِاجْتِهَادِهِ مَدْخَلٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْنَعُ عَنْهُ مَنْ يَجْلِسُ فِيهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَرَّرُ بِهِ النَّاسُ، بِخِلَافِ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِيهَا إِذْ لَا يَسُوغُ لَهُ مَنْعُ أَحَدٍ عَنْهَا بِحَالٍ.
ثُمَّ الْحُكْمُ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست