responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 100
عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى أَنْ يُبَعَّضَ وَيُجْعَلَ فِعْلُ بَعْضِ مَنْ قَامَ بِهِ فَرْضًا وَفِعْلُ بَعْضِهِمْ نَفْلًا، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ فَأَوْضَحُ وَأَوْضَحُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْفِعْلُ مُخَاطَبٌ بِالْوُجُوبِ وَمَوْصُوفٌ بِأَنَّ الْفَرْضَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ، فَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ شَبِيهٌ بِفُرُوضِ الْأَعْيَانِ مِنْ حَيْثُ تَوَجُّهِهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي وُجُوبِ الْمُبَاشَرَةِ، وَمَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فَرْضٌ فَفَعَلَهُ لَا يُقَالُ أَنَّ فِعْلَهُ نَفْلٌ بَلْ هُوَ فَرْضٌ قَطْعًا سَبَقَهُ غَيْرُهُ إِلَى فِعْلِ مِثْلِهِ أَوْ لَا، وَهَذَا مَسْلَكٌ تَحْقِيقِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِ قَاعِدَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَوَجُّهِهِ، وَالْقَوْلَانِ فِيهِ مَشْهُورَانِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ وَيَسْقُطُ بِالْبَعْضِ، وَمِمَّنْ رَجَّحَهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْإِمَامُ فخر الدين الرازي وَالشَّيْخُ تقي الدين السبكي.
الْمَسْلَكُ الْعَاشِرُ: قَالَ ابن السبكي فِي رَفْعِ الْحَاجِبِ: الْأَفْعَالُ قِسْمَانِ مَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ فَهُوَ عَلَى الْأَعْيَانِ كَالظُّهْرِ مَثَلًا مَصْلَحَتُهَا الْخُضُوعُ وَهُوَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا، وَمَا لَا يَتَكَرَّرُ فَهُوَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَكُسْوَةِ الْعَارِي، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ الْفَاعِلُونَ وَأَفْعَالُهُمْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَفِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْغَرَضُ وُقُوعُ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى فَاعِلِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْغَزَالِيِّ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ كُلُّ مُهِمٍّ دِينِيٍّ يَقْصِدُ الشَّرْعُ حُصُولَهُ وَلَا يَقْصِدُ بِهِ عَيْنَ مَنْ يَتَوَلَّاهُ، قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ تَسْتَحِبُّونَ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا مَعَ حُصُولِ الْفَرْضِ بِالصَّلَاةِ أَوْ لَا؟ قُلْتُ: الْغَرَضُ بِالذَّاتِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ انْتِفَاعُ الْمَيِّتِ، وَالدُّعَاءُ سَبَبٌ، فَمَنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ الِانْتِفَاعَ يَسْتَحِبُّ الصَّلَاةَ، إِذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَسْتَجِبْ دُعَاءَ الْأَوَّلِينَ، وَإِنَّمَا لَمْ نُوجِبْ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ لِئَلَّا نُوجِبَ مَا لَا يَتَنَاهَى، إِذْ لَسْنَا عَلَى يَقِينٍ مِنَ الِاسْتِجَابَةِ فِي وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَأَيْضًا فَالِاسْتِجَابَةُ لَيْسَتْ فِي قُدْرَتِنَا وَالتَّوَصُّلُ إِلَيْهَا مَرَّةً وَاجِبٌ وَبِمَا زَادَ مُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: إِنَّ صَلَاةَ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ تَقَعُ فَرْضًا مَعَ سُقُوطِ الْحَرَجِ وَالْإِثْمِ بِالْأُولَى فَكَيْفَ تَكُونُ فَرْضًا مَعَ جَوَازِ تَرْكِهَا؟ قُلْتُ: فَرْضُ الْكِفَايَةِ قِسْمَانِ، مَا يَحْصُلُ تَمَامُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ أَوْ لَا وَلَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ فَهَذَا إِذَا وَقَعَ فِعْلُهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ ثَانِيًا، وَمَا يَتَجَدَّدُ بِهِ مَصْلَحَةٌ بِتَكَرُّرِ الْفَاعِلِ كَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَهَذَا كُلُّ مَنْ أَوْقَعَهُ وَقَعَ فَرْضًا، فَإِنْ قُلْتَ: رَدُّ السَّلَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فَأَجَابَ الْجَمِيعُ كَانُوا كُلُّهُمْ مُؤَدِّينَ لِلْفَرْضِ سَوَاءٌ أَجَابُوا مَعًا أَمْ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَمُقْتَضَى مَا تَقُولُونَ أَنَّ الْفَرْضَ فِيمَا إِذَا أَجَابُوا عَلَى التَّعَاقُبِ الْأَوَّلِ لِحُصُولِ تَمَامِ الْمَقْصُودِ بِهِ، قُلْتُ: الْمَقْصُودُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ شُرِعَ أَصْلُ السَّلَامِ إِلْقَاءُ الْمَوَدَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَلَا أَدُلُّكُمْ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست