ثانياً: السجن هو صلب العقوبات الوضعية:
وبينما نرى أن الشريعة المطهرة استبعدت "السجن" تماماً كعقوبة شرعية (أي منصوص عليها، وإنما السجن في الشريعة مجرد إيقاف احتياطي على ذمة التحقيق أو تعزيراً باجتهاد القاضي لا يتعدى الأيام المعدودة) ، فإن القوانين الوضعية جعلت عقوبة السجن هي العقوبة الأساسية في كافة الجرائم على اختلاف صورها وأشكالها. فالسجن هو عقوبة في جرائم القتل، والعدوان على ما دون النفس، والسرقة، والنصب والتزوير وكل الجرائم المالية، وكذلك جعلته عقوبة للاغتصاب وما تعتبره جرائم خلقية، والأدهى من ذلك أيضاً أنها جعلته عقوبة فيما يشبه الجريمة وليس بجريمة أصلاً كقتل الخطأ الذي لا يد فيه للقاتل، وكحيازة الأسلحة، بل ومن أعجب العجب أنها جعلته عقوبة لما أسمته بجرائم الرأي، وقد بالغت القوانين الوضعية في هذه العقوبة فحكمت بالسجن المؤبد مطلقاً حتى الموت بل والسجن مائة سنة ومائة ونيف، ومن المعلوم عادة أن الإنسان لا يعمر على هذا النحو..
وكان لا بد لكل منصف أن يعلم أن الشريعة تنزيل من حكيم حميد، وأن يسأل نفسه لماذا استبعدت الشريعة عقوبة السجن على هذا النحو؟! ولماذا أقرت الشرائع الوضعية العمياء هذه العقوبة على هذا النحو أيضاً؟
ولن يخفى بالطبع عند النظر والفهم لهذه العقوبة الباطلة أنها جريمة وليست عقوبة. وإليك تفصيل هذا في الفصلين الآتيين.