مائة والرجم] (رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي) ، والشاهد من كل ذلك أن الحبس في البيوت منسوخ بآية (النور) والحديث الآنف. ولا شك أن الحبس في البيوت أيضاً المنسوخ ليس هو كالحبس المعروف في أيامنا هذه (وسيأتي لهذا تفصيل آخر) .
(ب) وأما الدليل الآخر الذي قد يفهم منه بعض الناس أن الحبس عقوبة شرعية، فهو النفي أو التغريب، الذي جاء في قوله تعالى في شأن المفسدين في الأرض: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله، ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا، أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} (المائدة: 33) الآية. وقد ذكر الله هذا (النفي) على أنه عقوبة شرعية، وكذلك جاء في حديث عبادة بن الصامت الذي ذكرناه آنفاً في شأن عقوبة الزاني البكر قوله صلى الله عليه وسلم: [والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام] ، فالتغريب المذكور هنا في الحديث يعني الإبعاد عن مسرح الجريمة.. وقد فهم بعض الناس كما ذكرت آنفاً أن (النفي والتغريب) في الآية والحديث يعني السجن، أو يقوم السجن مقامه، وهذا قياس بعيد جداً فالمنفي يمارس حياته كاملة في منفاه وإن كان يراقب أو (تحدد إقامته) كما هو اصطلاح العصر وكذلك من حكم عليه بالتغريب فإنه يمارس أيضاً حياته كاملة. والسجن أيضاً عقوبة تختلف عن هذا تماماً. بل هو جريمة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
(جـ) وقد يستدل بعض الناس أن السجن عقوبة شرعية لأن بعض الخلفاء قد اتخذوا السجون، وعاقبوا بهذه العقوبة.