responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 98
مَسْأَلَةٌ) :
قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ أَرَادَ الرَّدَّ فَاخْتَفَى الْبَائِعُ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ خَصْمًا عَنْ الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ قِيلَ يُنَصِّبُ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي.
وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَى وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ كَفِيلًا مَعَ احْتِمَالِ غَيْبَتِهِ فَقَدْ تَرَكَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَنْظُرُ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يُنَصِّبْ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي الْإِعْذَارَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَتَانِ، يُعْذَرُ فِي رِوَايَةٍ فَيَبْعَثُ مُنَادِيًا يُنَادِي عَلَى بَابِ الْبَائِعِ أَنَّ الْقَاضِي يَقُولُ: إنَّ خَصْمَكَ فُلَانًا يُرِيدُ الرَّدَّ عَلَيْكَ، فَإِنْ حَضَرْتَ وَإِلَّا نَقَضْتُ الْبَيْعَ. فَلَا يَنْقُضُهُ الْقَاضِي بِلَا إعْذَارٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَعْذِرُ الْقَاضِي أَيْضًا.

(مَسْأَلَةٌ) :
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوَافِهِ غَدًا فَدَيْنُهُ عَلَى الْكَفِيلِ فَغَابَ الطَّالِبُ فِي الْغَدِ وَلَمْ يَجِدْهُ الْكَفِيلُ حَتَّى مَضَى الْغَدُ لَزِمَهُ الْمَالُ، وَلَوْ رَفَعَ الْكَفِيلُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَنَصَّبَ وَكِيلًا عَنْ الطَّالِبِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ الْمَكْفُولَ عَنْهُ بَرِئَ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَوْ فَعَلَ بِهِ قَاضٍ فَاعْلَمْ أَنَّ الْخَصْمَ تَغَيَّبَ لِذَلِكَ فَهُوَ حَسَنٌ.

[فَصْلٌ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا إجَابَةُ الْحَاكِمِ]
(فَصْلٌ) :
فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا إجَابَةُ الْحَاكِمِ.
ذَكَرَ الْخَصَّافُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اُدُّعِيَ عَلَى رَجُلٍ دَعْوَى وَأَرَادَ عَلَيْهِ دَعْوَى وَهُوَ فِي الْمِصْرِ وَالْقَاضِي لَا يَعْلَمُ أَهُوَ مُحِقٌّ أَمْ مُبْطِلٌ؟ فَإِنَّهُ يُعْدِيهِ عَلَيْهِ وَيَبْعَثُ مَنْ يُحْضِرُهُ اسْتِحْسَانًا.
وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعْدِيَهُ لِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى خَبَرٌ مُحْتَمَلٌ وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً فَلَا يَثْبُتُ بِهِ وِلَايَةُ الْأَعْدَاءِ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ تَرْكَ الْقِيَاسِ بِالْآثَارِ الْمَشْهُورَةِ جَائِزٌ، وَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى الضَّلَالَةِ» .
وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَرَاشٍ قَدِمَ مَكَّةَ بِإِبِلٍ فَبَاعَهَا مِنْ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فَمَطَلَهُ، فَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ ابْنُ سَبِيلٍ، وَإِنِّي بِعْتُ إبِلًا مِنْ أَبِي جَهْلٍ فَمَطَلَنِي وَظَلَمَنِي، فَمَنْ رَجُلٌ يُعْدِينِي عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ لِي بِحَقِّي، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ جَالِسٌ. فَقَالُوا: ذَلِكَ يُعَدِّيكَ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ إلَيْهِ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَامَ مَعَهُ وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي أَثَرِهِمَا رَجُلًا، وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ اسْتِهْزَاءً لِمَا قَدْ عَلِمُوا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ مِنْ الْعَدَاوَةِ، فَأَتَى الْبَابَ فَضَرَبَهُ فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ، فَخَرَجَ أَبُو جَهْلٍ وَمَا فِي وَجْهِهِ رَائِحَةٌ مِنْ الذُّعْرِ أَيْ مِنْ الْخَوْفِ فَقَالَ: أَعْطِ هَذَا حَقَّهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَدَخَلَ فَأَخْرَجَ حَقَّهُ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ، فَجَاءَ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُمْ وَجَاءَ الرَّجُلُ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا أَخَذَ لِي حَقِّي، فَلَمْ يَتَفَرَّقُوا إلَى أَنْ جَاءَ أَبُو جَهْلٍ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ فَقَالُوا: وَيْلُكَ مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ ضَرَبَ عَلَيَّ الْبَابَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ فَذَهَبَ فُؤَادِي، فَخَرَجْتُ فَإِذَا مَعَهُ فَحْلٌ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَامَتِهِ وَأَنْيَابِهِ لِفَحْلٍ قَطُّ، إنْ كَادَ لَأَكَلَنِي لَوْ امْتَنَعْتُ، فَوَاَللَّهِ مَا مَلَكْتُ حَتَّى أَعْطَيْتُهُ حَقَّهُ.» .
فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ جَوَازِ الْإِعْدَاءِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى؛ أَلَا يَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ بِنَفْسِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، إلَّا أَنَّ الْيَوْمَ الْقَاضِي لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ لِكَثْرَةِ الْخُصُومِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ.
فَأَمَّا إنْ كَانَ الْخَصْمُ خَارِجَ الْمِصْرِ قَالُوا: إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْمِصْرِ بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ابْتَكَرَ مِنْ أَهْلِهِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَبِحَيْثُ يَبِيتُ فِي مَنْزِلِهِ يُعْدِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ الْمِصْرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعُودَ مِنْ الْمِصْرِ وَيَبِيتَ فِي مَنْزِلِهِ لَا يُعْدِيهِ، ثُمَّ كَيْفَ يَصْنَعُ الْقَاضِي؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قِيلَ يَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ حَقًّا، وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ لِأَجْلِ الْقَضَاءِ بَلْ لِأَجْلِ الْإِحْضَارِ كَمَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَمَرَ إنْسَانًا أَنْ يُحْضِرَ خَصْمَهُ، فَإِذَا أَحْضَرَهُ أَمَرَ الْمُدَّعِيَ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، فَإِذَا أَعَادَ الْبَيِّنَةَ لِعَادِلَةٍ قَضَى بِهَا عَلَيْهِ، وَقِيلَ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي، فَإِنْ نَكَلَ أَقَامَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَإِنْ حَلَفَ

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست