responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 74
إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ حُصُولِ مَعْرِفَةِ الْعَيْنِ وَالِاسْمِ مَعًا، وَلَا يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِمَعْرِفَةِ الْعَيْنِ: يَعْنِي أَنْ يُعْرَفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَلَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَلَا نَسَبُهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلُّ مِنْ وُجُوهٍ؛ إذْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَخْدَعَهُ فَيُسَمِّي لَهُ بِاسْمِ غَيْرِهِ؛ لِيُوجِبَ عَلَيْهِ حَقًّا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ، وَقَدْ تَطُولُ الْمُدَّةُ فَيَنْسَى عَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ فِي غَيْبَتِهِ، وَيَكُونُ قَدْ يُسَمَّى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِاسْمِ ذَلِكَ الْغَائِبِ فَيُقَدِّمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَيَحْكُمُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ وَلَيْسَ هُوَ الْمَشْهُودُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِالْعَيْنِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ مِمَّا فَسَادُهُ ظَاهِرٌ وَضَرَرُهُ مُتَفَاقِمٌ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الْمَعْرِفَةُ الْمَقْصُودَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ الِاسْمِ الَّذِي يَتَمَيَّزُ بِهِ، مِثْلَ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَزُولُ مَعَهُ الِاشْتِرَاكُ أَوْ يَخِفُّ، وَلَا يَكْفِي مَعْرِفَةُ اسْمِهِ خَاصَّةً دُونَ مَعْرِفَةِ اسْمِ أَبِيهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْرِيفِ وَالِاخْتِصَاصِ.
وَقَدْ اسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَزِيدَ اسْمَ الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ أَضْبَطُ وَأَبْعَدُ لِمَا يُتَوَقَّى مِنْ اشْتَرَاكِ الْأَسْمَاءِ فِي الْمُسَمَّى وَأَبِيهِ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يَتِمُّ بِذِكْرِ الْجَدِّ عَنْهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.
، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَلِكَ لَوْ عَرَفَ الِاسْمَ دُونَ الْعَيْنِ، كَمَا لَوْ كَانَ يَسْمَعُ بِرَجُلٍ مَشْهُورٍ ثُمَّ يَقِفُ عَلَى عَيْنِهِ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا فُلَانٌ. وَلَمْ يَتَقَرَّرْ عِنْدَهُ تَقْرِيرًا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِصِحَّتِهِ فَلَا يَقْدُمُ عَلَى تَقْيِيدِ الشَّهَادَةِ فِي الْمَعْرِفَةِ بِمُجَرَّدِ شُهْرَةِ الِاسْمِ عِنْدَهُ، فَكُلُّ ذَلِكَ غَلَطٌ وَتَدْلِيسٌ، وَالْوَهْمُ فِيهِ مُمْكِنٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فِي الِاسْمِ وَالْعَيْنِ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَمَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ فَلَا يُشْهَدُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اسْمَ غَيْرِهِ عَلَى اسْمِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنْ يَتَرَدَّدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُسَمَّى بِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَوْ يُخَالِطَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَلَا يُعَجِّلُ بِالشَّهَادَةِ بِالْمَعْرِفَةِ حَتَّى يَحْصُلَ مِنْ التَّرَدُّدِ وَاشْتِهَارِ عَيْنِهِ وَاسْمِهِ بِمَحْضَرِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ وَتَوَاطُئِهِمْ عَلَيْهِ مَا يُوقِعُ لَدَيْهِ الْمَعْرِفَةَ الَّتِي لَا يَشُكُّ فِيهَا، وَهَذَا بَابٌ كَبِيرٌ غَلِطَ فِيهِ الْجُمْهُورُ، وَلَا يَشْهَدُ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ حَتَّى يَكْشِفَ وَجْهَهَا لِيُعَيِّنَهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ.
قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: يَصِحُّ عِنْدَ التَّعْرِيفِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى امْرَأَةٍ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجُوزُ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمَجْهُولِ بَاطِلَةٌ. اُنْظُرْ الْمُحِيطَ.
وَلَا يُشْهَدُ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ زَعَمَتْ أَنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ أَنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ؛ إذْ لَعَلَّهَا غَيْرُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ.
وَلَوْ قَالَ فِي الشَّهَادَةِ وَكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي: إنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ التَّمِيمِيَّةُ. لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَنْسِبَانِهَا إلَى فَخِذِهَا وَهِيَ الْقَبِيلَةُ الْخَاصَّةُ وَالْفَخِذُ آخِرُ الْقَبَائِلِ السِّتِّ، كَذَا فِي الصَّحَاحِ، اُنْظُرْ الْهِدَايَةَ فِي هَذَا الْمَحِلِّ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَهُ الرَّجُلَانِ لَا يَعْرِفُ إلَّا أَحَدَهُمَا فَيُشْهِدَهُ أَنِّي قَبَضْتُ مِنْ هَذَا وَيُشِيرُ إلَيْهِ وَلَا يَذْكُرُ اسْمَهُ حَقًّا لِي عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ أَبْرَأْتُهُ أَوْ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَقُّ لِلْمَجْهُولِ عِنْدَهُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الْمُقِرُّ وَيُرِيدُ الْمَشْهُودُ لَهُ تَقْيِيدَ الشَّهَادَةِ فَيَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ التَّوَقُّفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْرِفُ الْمَشْهُودَ لَهُ أَيْضًا، وَقَدْ كَانَ سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ بِمَحْضَرِ الْمُقَرِّ لَهُ فَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا إنْ اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ لَهُ فِي غَيْبَةِ الْمُقِرِّ أَنَّ اسْمَهُ فُلَانٌ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا سَمَّى لَهُ غَيْرَ نَفْسِهِ مِمَّنْ عَلَيْهِ لِلْمُشْهِدِ الْغَائِبِ حَقٌّ كَبِيرٌ لِيَضَعَهُ أَوْ خِصَامٌ شَدِيدٌ لِيَقْطَعَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَأَذَّى بِهِ الْغَائِبُ، وَلَا يَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ أَنْ يَتَوَهَّمَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا، فَقَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِوُجُوهٍ، وَإِقْدَامُ الشَّاهِدِ عَلَى ذَلِكَ أَمْرٌ قَادِحٌ وَغَلَطٌ وَاضِحٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُشْهِدَهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ فَيُرِيدُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِتَعْرِيفِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُعَرَّفُ عِنْدَهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ، أَوْ لَا يَجُوزُ قَبُولُ غَيْرِهِ قَوْلَهُ فِي شَيْءٍ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْجُرْأَةِ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي لِمَنْ صَحَّ دِينُهُ وَرَاقَبَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَصْرِفَ كُلَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ فِي الشَّهَادَةِ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ مَهْمَا أَمْكَنَ ذَلِكَ.
فَإِنْ اضْطَرَّهُ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ أَمِيرٌ أَوْ كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ فَلْيَكُنْ الْمُعَرَّفُ رَجُلَيْنِ مِمَّنْ يَرْضَى دِينَهُمَا وَيَسْتَجِيزُ شَهَادَتَهُمَا وَيُسَمِّيهَا فَيَكُونُ كَالشَّهَادَةِ

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست