responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 71
سَاهِيَ الْقَلْبِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا: وَالْعَدَالَةُ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ تَحُثُّ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ وَالتَّحَاشِي عَنْ الرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهَا الِاعْتِدَالُ فِي الْأَحْوَالِ الدِّينِيَّةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ الْأَمَانَةِ عَفِيفًا عَنْ الْمَحَارِمِ مُتَوَقِّيًا عَنْ الْمَآثِمِ بَعِيدًا مِنْ الرَّيْبِ مَأْمُونًا فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ.

الثَّانِي: فِي مَوَانِعِ الْقَبُولِ.
مَانِعٌ مُطْلَقًا وَمَانِعٌ عَلَى جِهَةٍ: يَعْنِي أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَدَالَةِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ وَيَتَعَذَّرُ حَصْرُهُ، وَلَكِنْ نَذْكُرُ مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ، فَمِنْهُ كُلُّ وَصْفٍ أَوْ فِعْلٍ مُنَافٍ لِلْعَدَالَةِ أَوْ لِلْمُرُوءَةِ أَوْ لَهُمَا، كَتَعَاطِي فِعْلِ الْفَاحِشَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْكَبَائِرِ، وَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً، وَمِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَ الْقَضَاءِ بِالنُّجُومِ، فَإِذَا ادَّعَاهُ وَاشْتُهِرَ بِهِ وَأَكَلَ الْمَالَ بِهِ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ، وَقَدْ أَطَالَ الْعُلَمَاءُ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَمِنْ جُمْلَتِهِ أَنَّ الْمُنَجِّمَ إذَا كَانَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُقِرًّا بِأَنَّ النُّجُومَ وَاخْتِلَافَهَا فِي الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يَحْدُثُ فِي الْعَالَمِ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ كُلِّهِ، إلَّا أَنَّهُ جَعَلَهَا أَدِلَّةً عَلَى مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَحُكْمُ هَذَا أَنْ يُزْجَرَ عَنْ اعْتِقَادِهِ وَيُؤَدَّبَ عَلَيْهِ أَبَدًا حَتَّى يَكُفَّ عَنْهُ وَيَرْجِعَ عَنْ اعْتِقَادِهِ وَيَتُوبَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ يُجْرَحُ بِهَا فَتَسْقُطُ إمَامَتُهُ وَشَهَادَتُهُ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ تَصْدِيقُهُ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [النمل: 65] وَقَوْلِهِ تَعَالَى {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: 26] {إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 27] وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ.
وَمِنْهُ شَهَادَةُ الْهَاجِي؛ لِأَنَّ الْهَجْوَ سُخْفٌ وَمَجَانَةٌ.
وَمِنْهُ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وَهُوَ فِي الْمِصْرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مَجَانَةً، وَإِنْ تَرَكَهَا مُتَأَوِّلًا بِأَنَّ الْإِمَامَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ دِينًا فَلَا تَنْخَرِمُ عَدَالَتُهُ. وَمِنْهُ عَصْرُ الْخَمْرِ وَبَيْعُهَا وَكِرَاءُ دَارِهِ مِمَّنْ يَبِيعُهَا. وَمِنْهُ مَنْ لَا يُحْكِمُ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ. وَمِنْهُ مَنْ سَافَرَ وَاحْتَاجَ إلَى التَّيَمُّمِ فَلَمْ يُحْسِنْهُ.
وَمِنْهُ مَنْ تَرَكَ مَا اُسْتُفِيدَ وُجُوبُهُ بِالْأَمْرِ الْمُطْلَقِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ قَضِيَّةَ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ عَنْ الْوَقْتِ الْوُجُوبُ عَلَى الْفَوْرِ، وَتُقْبَلُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي. مِنْ شَرْحِ التَّجْرِيدِ.
وَمِنْهُ اللَّاعِبُ بِالطُّنْبُورِ وَمَنْ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ وَيُطَيِّرُهُنَّ، وَقِيلَ مَنْ يَبِيعُ الْحَمَامَ وَلَا يُطَيِّرُهُنَّ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ تَطْيِيرَهُ لَا يَخْلُو عَنْ مُطَالَعَةِ عَوْرَاتِ النَّاسِ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ.
وَمِنْهُ مَنْ اعْتَادَ دُخُولَ الْحَمَّامِ بِلَا مِئْزَرٍ؛ لِأَنَّهُ كَشْفٌ لِلْعَوْرَةِ وَهُوَ حَرَامٌ. وَمِنْهُ شَهَادَةُ الْمُغَنِّي وَالنَّائِحَةِ وَالْقَوَّالِ وَالرَّقَّاصِ وَمَنْ يَخْرِقُ ثَوْبَهُ فِي مَجْلِسِ السَّمَاعِ. وَقِيلَ لَا يُفَسَّقُ بِالْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ لَعِبٍ. وَمِنْهُ شَهَادَةُ الْأَقْلَفِ إذَا تَرَكَ الْخِتَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ.
وَمِنْهُ مَنْ أَكَلَ فِي السُّوقِ بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ، ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَمِنْهُ مَنْ مَشَى فِي السُّوقِ فِي سَرَاوِيلَ لَا قَمِيصَ مَعَهُ وَمِنْهُ مَنْ يَبُولُ عَلَى الطَّرِيقِ.
وَمِنْهُ مَنْ يُصَارِعُ الْأَحْدَاثَ فِي الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ مُسْتَشْنَعَةٌ: وَعَنْ سَدَّادٍ لَمَّا وَلِيَ الْقَضَاءَ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَةَ مَنْ حَاسَبَ أُمَّهُ فِي النَّفَقَةِ.
وَمِنْهُ الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَإِنْ فَرَّ الْإِمَامُ مِنْ الزَّحْفِ أَنْ يَفِرَّ مِنْ الْمِثْلَيْنِ وَمِنْهُ جَهْلُ الرَّجُلِ أَحْكَامَ قَصْرِ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّفَرِ.
وَمِنْهُ قَبُولُ جَوَائِزِ الْعُمَّالِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ، وَكَذَا إدْمَانُ الْأَكْلِ عِنْدَهُمْ، بِخِلَافِ الْفَلْتَةِ وَبِخِلَافِ قَبُولِ جَوَائِزِ الْخُلَفَاءِ مَنْ يَرْضَى مِنْهُمْ وَمَنْ لَا يَرْضَى، وَقَدْ قَبِلَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَهْلُ الْفَضْلِ.
وَمِنْهُ الْعَصَبِيَّةُ وَهُوَ أَنْ يَبْغُضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا وَمِنْهُ النَّمِيمَةُ. وَمِنْهُ الْخِيَانَةُ وَالرِّشْوَةُ.
وَمِنْهُ شَهَادَةُ بَائِعِ الْأَكْفَانِ لَا تُقْبَلُ، قِيلَ هَذَا إذَا تَرَصَّدَ لِذَلِكَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ وَالطَّاعُونَ، أَمَّا إذَا كَانَ يَبِيعُ الثِّيَابَ هَكَذَا وَيُشْتَرَى مِنْهُ لِلْكَفَنِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ. مِنْ الْمُحِيطِ.
وَمِنْهُ سُكُوتُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِثْلَ عِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ يَرَاهُمَا يُمْلَكَانِ، وَطَلَاقِ امْرَأَةٍ يَرَى زَوْجَهَا مُقِيمًا مَعَهَا وَلَا يَقُومُ بِذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ عُذْرٌ، وَقُدِّرَ سُكُوتُهُ فِي الْحُرْمَةِ الْمُغَلَّظَةِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. اُنْظُرْ الْقِنْيَةَ.
وَقَدْ حُكِيَ فِيهَا عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ وَشَرَفِ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيِّ:

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست