responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 7
[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْكِتَابِ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ وَمَعْنَاهُ وَحُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ]
حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ وَمَعْنَاهُ وَحُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ. فَحَقِيقَةُ الْقَضَاءِ: الْإِخْبَارُ عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ " قَضَى الْقَاضِي " أَيْ: أَلْزَمَ الْحَقَّ أَهْلَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} [سبأ: 14] أَيْ أَلْزَمْنَاهُ وَحَكَمْنَا بِهِ عَلَيْهِ وقَوْله تَعَالَى {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72] أَيْ أَلْزِمْ بِمَا شِئْت وَاصْنَعْ مَا بَدَا لَك.
وَفِي الْمَدْخَلِ: الْقَضَاءُ: مَعْنَاهُ الدُّخُولُ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْخَلْقِ لِيُؤَدِّيَ فِيهِمْ أَوَامِرَهُ وَأَحْكَامَهُ بِوَاسِطَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: حَقِيقَةُ الْحُكْمِ إنْشَاءُ إلْزَامٍ أَوْ إطْلَاقٍ. فَالْإِلْزَامُ: كَمَا إذَا حَكَمَ بِلُزُومِ الصَّدَاقِ أَوْ النَّفَقَةِ أَوْ الشُّفْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَالْحُكْمُ بِالْإِلْزَامِ هُوَ الْحُكْمُ. وَأَمَّا إلْزَامُ الْحِسِّ مِنْ التَّرْسِيمِ وَالْحَبْسِ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ الْحُكْمُ أَيْضًا بِعَدَمِ الْإِلْزَامِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ مَا حُكِمَ بِهِ هُوَ عَدَمُ الْإِلْزَامِ وَأَنَّ الْوَاقِعَةَ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ وَعَدَمُ الْحَجْرِ.
وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالْإِطْلَاقِ: فَكَمَا إذَا رُفِعَتْ لِلْحَاكِمِ أَرْضٌ زَالَ الْإِحْيَاءُ عَنْهَا فَحَكَمَ بِزَوَالِ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَبْقَى مُبَاحَةً لِكُلِّ أَحَدٍ، وَكَذَلِكَ إذَا حُكِمَ بِأَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ طَلْقٌ لَيْسَتْ وَقْفًا عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَالْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ يَرَى الطَّلْقَ دُونَ الْوَقْفِ فَإِنَّهَا تَبْقَى مُبَاحَةً، وَكَذَلِكَ الصَّيْدُ وَالنَّحْلُ وَالْحَمَامُ الْبَرِّيُّ إذَا حِيزَ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْحَائِزِ صَارَ مِلْكًا لِلْحَائِزِ الثَّانِي. فَهَذِهِ الصُّورَةُ وَمَا أَشْبَهَهَا كُلُّهَا إطْلَاقَاتٌ، وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهَا إلْزَامُ الْمِلْكِ عُدِمَ الِاخْتِصَاصُ، لَكِنْ هَذَا بِطَرِيقِ اللُّزُومِ. وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَقْصُودِ الْأَوَّلِ بِالذَّاتِ لَا فِي اللُّزُومِ، كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَوَّلَ مِنْ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُهُ النَّهْيُ عَنْ الضِّدِّ وَتَحْرِيمُهُ. فَالْكَلَامُ فِي الْحَقَائِقِ إنَّمَا يَقَعُ فِيهَا هُوَ فِي الرُّتْبَةِ الْأُولَى لَا فِيمَا بَعْدَهَا. قَالَ غَيْرُهُ: وَالْحُكْمُ فِيمَا دُونَهُ بِمَعْنَى الْمَنْعِ، وَمِنْهُ حَكَمْتُ السَّفِيهَ: إذَا أَخَذْت عَلَى يَدِهِ وَمَنَعْته مِنْ التَّصَرُّفِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحَاكِمُ حَاكِمًا لِمَنْعِهِ الظَّالِمَ مِنْ ظُلْمِهِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ حَكَمَ الْحَاكِمُ: أَيْ وَضَعَ الْحَقَّ فِي أَهْلِهِ وَمَنَعَ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلِهِ. وَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ الْحَكَمَةُ الَّتِي فِي لِجَامِ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّهَا تَرُدُّ الْفَرَسَ عَنْ الْمَعَاطِبِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: حَكَمَ وَأَحْكَمَ بِمَعْنَى مَنَعَ. وَالْحُكْمُ فِي اللُّغَةِ: الْقَضَاءُ أَيْضًا، فَحَقِيقَتُهُمَا مُتَقَارِبَةٌ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ: فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ أَنَّ الْقِيَامَ بِالْقَضَاءِ وَاجِبٌ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى أَحَدٍ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ عِوَضٌ وَقَدْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الْقَضَاءِ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَأَمَّا حِكْمَتُهُ: فَرَفْعُ التَّهَارُجِ وَرَدُّ النَّوَائِبِ وَقَمْعُ الظَّالِمِ وَنَصْرُ الْمَظْلُومِ وَقَطْعُ الْخُصُومَاتِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي فَضْلِ الْقَضَاءِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الْقِيَامِ فِيهِ بِالْعَدْلِ]
فَضْلِ الْقَضَاءِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الْقِيَامِ فِيهِ بِالْعَدْلِ وَبَيَانِ مَحِلِّ التَّحْذِيرِ مِنْهُ وَحُكْمِ السَّعْيِ فِيهِ.
اعْلَمْ: أَنَّ أَكْثَرَ الْمُؤَلِّفِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ بَالَغُوا فِي التَّرْهِيبِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ الدُّخُولِ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ، وَشَدَّدُوا فِي كَرَاهِيَةِ السَّعْيِ فِيهَا وَرَغَّبُوا فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا وَالنُّفُورِ وَالْهَرَبِ مِنْهَا، حَتَّى تَقَرَّرَ فِي أَذْهَانِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالصُّلَحَاءِ أَنَّ مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ سَهُلَ عَلَيْهِ دِينُهُ وَأَلْقَى بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ وَرَغِبَ عَمَّا هُوَ الْأَفْضَلُ وَسَاءَ اعْتِقَادُهُمْ فِيهِ، وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ يَجِبُ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَالتَّوْبَةُ مِنْهُ.
وَالْوَاجِبُ تَعْظِيمُ هَذَا الْمَنْصِبِ

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 7
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست