responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 64
غَرَضٌ مَطْلُوبٌ فِيمَا بَيْنَ الْعُقَلَاءِ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ تَوْكِيلِهِ عِبَارَةً عَنْ التَّوْكِيلِ بِالْإِقْرَارِ مَجَازًا.
وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ وَاسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَكَّلْتُكَ بِالْإِنْكَارِ. وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا لَا يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْإِقْرَارِ.
وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ غَيْرَ جَائِزِ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ فَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ.
قِيلَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَى مَنْ يَقُومُ بِتَدْبِيرِهِ، وَفِي هَذَا التَّوْكِيلِ تَعْطِيلٌ وَلَيْسَ بِتَفْوِيضٍ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الْخَصْمِ إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ.
فَإِذَا اسْتَثْنَاهُمَا فَلَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ شَيْئًا.
وَقِيلَ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَيَصِيرُ وَكِيلًا بِالسُّكُوتِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ حَتَّى تُسْمَعَ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الطَّالِبِ مِنْ الْجَوَابِ يَحْصُلُ بِالسُّكُوتِ وَهُوَ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ السُّكُوتَ مِنْ الْخَصْمِ كَافٍ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ كَالْإِنْكَارِ، وَلِلْوَكِيلِ نَوْعُ فَائِدَةٍ فِي قَصْرِ الْوَكَالَةِ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ.

(فَرْعٌ) :
وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ إذَا أَقَرَّ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْخُصُومَةِ جُعِلَ تَوْكِيلًا بِالْجَوَابِ مَجَازًا بِاجْتِهَادٍ، فَتَمَكَّنَتْ شُبْهَةُ الْعَدَمِ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ فَيُورِثُ شُبْهَةَ دَرْءِ مَا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
لَوْ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ بِالْخُصُومَةِ فَلِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالْخُصُومَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْخُصُومَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُقْبَلُ الْوَكَالَةُ فِي الْخُصُومَةِ مِنْ حَاضِرٍ صَحِيحٍ فِي الْمِصْرِ إلَّا بِرِضَا خَصْمِهِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ: تَوْكِيلُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ مِنْ الْمُدَّعِي فَالدَّعْوَى خَالِصُ حَقِّهِ وَإِنْ وُجِدَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْإِنْكَارُ خَالِصُ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فِي هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَجْمَعُهُمَا.
وَقَدْ اسْتَحْسَنَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ بَرْزَةٍ جَازَ لَهَا أَنْ تُوَكِّلَ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهَا ضَرَرٌ بِالْعَيْبِ بِالْخُرُوجِ وَالْحُضُورِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ حَقِّهِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ مَا يَقْبِضُهُ يَقْبِضُ عَيْنَ حَقِّهِ، وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ وَكِيلٌ بِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ حَقِّهِ فَلَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ.
(فَرْعٌ) :
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ بَدَلِ حَقِّهِ يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالتَّمَلُّكِ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ فَتَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَكِيلٌ بِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ حَقِّهِ حُكْمًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.

(فَصْلٌ) :
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ شَهِدَ لَهُ الْوَكِيلُ قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَ فِي ذَلِكَ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، وَلَوْ عَزَلَهُ بَعْدَ مَا خَاصَمَ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْفَصْلَيْنِ.
وَهَذَا الْخِلَافُ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّجْرِيحِ مِنْ أَصْلٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ انْتَصَبَ خَصْمًا فِي حَادِثَةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْتَصِبْ خَصْمًا حَتَّى عُزِلَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهَا.
وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: الْوَكِيلُ صَارَ خَصْمًا بِالتَّوْكِيلِ، وَلِهَذَا إذَا أَقَرَّ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي يَنْفُذُ عِنْدَهُ، وَإِذَا شَهِدَ بَعْدَ الْعَزْلِ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي أَوْ بَعْدَهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِيرُ خَصْمًا مَا لَمْ يَتَخَاصَمْ إلَى الْقَاضِي.
وَلَوْ خَاصَمَ إلَى الْقَاضِي وَقَدْ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ فِيمَا كَانَ يَوْمَ التَّوْكِيلِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فِيمَا كَانَ يَوْمَ التَّوْكِيلِ.

[فَصْلٌ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ]
(فَصْلٌ) :
وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ وُكِّلَ بِطَلَبٍ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ فَلَا يَكُونُ لَهُ

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست