responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 55
ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ وَأَنْكَرَ فُلَانٌ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ يُمْكِنُ عَزْلُهُ فِي الْحَالِ فَلَا تُفِيدُ الدَّعْوَى فَائِدَتَهَا.
وَمِثْلُهُ: لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ هِبَةً وَقُلْنَا إنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْهَا مَا لَمْ تُقْبَضْ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْئُولَ عَنْ هَذَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ وَقَالَ رَجَعْتُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مُطَالَبَتُهُ بِشَيْءٍ وَلَا فَائِدَةَ فِي إلْزَامِهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إذَا رَجَعَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ الْوَصَايَا الَّتِي لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا.
وَكَذَلِكَ التَّدْبِيرُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الَّذِي يَرَى أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْهُ، فَإِنَّ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ ذَهَبَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْجَوَابُ عَنْهُ حَتَّى يُضِيفَ إلَيْهِ مَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ بِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ، فَيَقُولُ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا، وَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ يُضِيفُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْفَسْخُ بَعْدَ الْعَقْدِ.
قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: وَهَذَا عِنْدِي إنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ لِأَصْلِ الشَّيْءِ لَا يَحِلُّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ وَعَلَى أَنَّ مَا فِيهِ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَائِهِ أَوْ رَدِّهِ مَحْلُولٌ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِرَفْعِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْخِيَارِ، فَإِذَا بُنِيَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا اتَّجَهَ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ مِنْ شُرُوطِ سَمَاعِ الدَّعْوَى: أَنْ تَكُونَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ أَوْ أَمْرٌ مِنْ الْأُمُورِ.
مِثَالُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ: أَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَعُدِّلَتْ الْبَيِّنَةُ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِلْقَاضِي: اسْتَحْلِفْ لِي الطَّالِبَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَوْنَ شُهُودِهِ مَجْرُوحِينَ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، هَلْ تَجِبُ فِيهِ الْيَمِينُ أَوْ لَا تَجِبُ؟ فَمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا اعْتَلَّ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِاسْتِحْقَاقِ أَمْرٍ يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَا هُنَا لَا يُطْلَبُ مِنْ الْقَاضِي اسْتِخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِحَقِّهِ.
وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُدَّعِي إذَا طَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَطْلُوبُ: كُنْت اسْتَحْلَفْتنِي فَاحْلِفْ لِي أَنَّك لَمْ تَسْتَحْلِفْنِي، فَمَنْ ذَهَبَ إلَى اسْتِحْلَافِهِ رَأَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا الْأَصْلِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تَنْفَعُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ، فَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَعُدِّلَتْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِفِسْقِهِمْ وَلَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَا أَعْلَمُ بِعِلْمِك بِفِسْقِ شُهُودِك، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ احْلِفْ لِي أَنَّك لَمْ تَسْتَحْلِفْنِي عَلَى هَذَا الْحَقِّ فِيمَا مَضَى، فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي لَزِمَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَهُ يَمِينًا ثَانِيَةً، وَلِذَا مَضَى الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبْذُلُ لَهُ الْخَطَّ حَتَّى لَا يَحْلِفَ مَرَّةً أُخْرَى " اُنْظُرْ الْمُحِيطَ ".
وَقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ أَيْضًا أَنَّ كُلَّ دَعْوَى إذَا أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تَنْفَعُ الْمُدَّعِيَ بِإِقْرَارِهِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُقِرَّ وَأَنْكَرَ تَعَلَّقَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى الْجُمْلَةِ مَا لَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ أَصْلًا عَنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ، مِثْلَ أَنْ يَطْلُبَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْقَاضِيَ بِالْيَمِينِ أَنَّهُ مَا جَارَ عَلَيْهِ، أَوْ يَطْلُبَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَمِينَ الشُّهُودِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكْذِبُوا فِي شَهَادَاتِهِمْ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَخْتَلِفُ فِي سُقُوطِ الدَّعْوَى وَكَوْنِهَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تُفْسِدُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ فِي الْأَحْكَامِ، وَلَا يَشَاءُ أَحَدٌ أَنْ يَحُطَّ مَنْزِلَةَ الْقَاضِي أَوْ الشُّهُودِ إلَّا وَادَّعَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَيَّ الْوُقُوفِ عَنْ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ.
وَأَمَّا تَحْلِيفُ الشُّهُودِ: فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي قِسْمِ السِّيَاسَةِ.

[فَصْلٌ فِي تَصْحِيحِ الدَّعْوَى]
(فَصْلٌ) :
وَالْمُدَّعَى بِهِ أَنْوَاعٌ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مَكِيلًا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ جِنْسِهِ بِأَنَّهُ حِنْطَةٌ أَوْ شَعِيرٌ، وَيَذْكُرُ مَعَ ذَلِكَ نَوْعَهُ أَنَّهَا سَقِيَّةٌ أَوْ بَرِّيَّةٌ وَرَبِيعِيَّةٌ، وَيَذْكُرُ مَعَ ذَلِكَ صِفَتَهَا كَالْحِنْطَةِ الْبَيْضَاءِ وَالْحَمْرَاءِ، وَيَذْكُرُ أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ، وَيَذْكُرُ قَدْرَهَا بِالْكَيْلِ بِأَنَّهَا كَذَا قَفِيزًا بِقَفِيزٍ كَذَا؛ لِأَنَّ الْقُفْزَانَ تَتَفَاوَتُ فِي ذَاتِهَا، وَيَذْكُرُ سَبَبَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الدَّيْنِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُهُ السَّلَمَ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ لِيَنْفَعَ التَّحَرُّزُ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست