responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 54
تَرَدُّدَ فِي ذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ إذَا لَمْ يُعَارِضْ الْحَالُ الْحَالَ، وَلَكِنْ قَدْ يَعْتَرِضُ حَالَانِ، اسْتِصْحَابُ أَحَدِهِمَا يُضَادُّ اسْتِصْحَابَ الْحَالِ الْآخَرِ، فَهَاهُنَا يَقَعُ الْإِشْكَالُ فَيَخْتَلِفُ أَهْلُ النَّظَرِ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي تَمْيِيزِ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَفْتَقِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى تَرْجِيحِ الْحَالَةِ الَّتِي اسْتَصْحَبَهَا.
مِثَالُهُ: رَجُلٌ قَبَضَ مِنْ رَجُلٍ دَنَانِيرَ، فَلَمَّا طَالَبَهُ بِهَا دَافِعُهَا زَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَهَا عَنْ سَلَفٍ كَانَ أَسْلَفَهُ لِدَافِعِهَا.
وَقَالَ دَافِعُهَا: بَلْ أَنَا أَسْلَفْتُك إيَّاهَا وَمَا كُنْتُ أَنْتَ أَسْلَفْتَنِي شَيْئًا قَطُّ، فَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ لَوْ سَكَتَ لَتُرِكَ لِسُكُوتِهِ وَجَدْنَا هَا هُنَا الدَّافِعَ هُوَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ لَتُرِكَ وَسُكُوتُهُ، وَالْقَابِضُ لَوْ سَكَتَ عَنْ جَوَابِ الطَّالِبِ مَا تُرِكَ وَسُكُوتُهُ، وَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى الْأَصْلِ الْآخَرِ وَهُوَ دَعْوَى الْأَمْرِ الْجَلِيِّ أَوْ الْخَفِيِّ فَإِنَّا إنْ اسْتَصْحَبْنَا كَوْنَ الدَّافِعِ بَرِيءَ الذِّمَّةِ مِنْ سَلَفِ هَذَا الْقَابِضِ صَدَّقْنَا الدَّافِعَ وَجَعَلْنَاهُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ السَّلَفُ الَّذِي الْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَا حَالَ الْقَابِضِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَمَا يَعْرِضُ الْإِشْكَالُ إلَّا عِنْدَ تَصَادُمِ مُقْتَضَى الْأَحْوَالِ فَيُفْتَقَرُ إلَى تَرْجِيحِ اسْتِصْحَابِ أَحَدِ الْحَالَيْنِ عَلَى الْآخَرِ.
وَقَدْ ذَكَرَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: وُلِّيتُ الْقَضَاءَ وَعِنْدِي أَنِّي لَا أَعْجِزُ عَنْ مَعْرِفَةِ مَا يُتَخَاصَمُ إلَيَّ فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا ارْتَفَعَ إلَيَّ خَصْمَانِ أَشْكَلَ عَلَيَّ أَمْرُهُمَا مَنْ الْمُدَّعِي وَمَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قُلْت: وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى هَذَا الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ.

[الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي ذِكْرِ الدَّعَاوَى وَأَقْسَامِهَا]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الدَّعَاوَى الصَّحِيحَةِ وَشُرُوطِهَا]
: وَفِيهِ فُصُولٌ: وَكَيْفِيَّةِ تَصْحِيحِ الدَّعْوَى.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي تَقْسِيمِ الدَّعَاوَى.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي تَقْسِيمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ.
الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي تَقْسِيمِ الْمُدَّعَى لَهُمْ، وَمَا يُسْمَعُ مِنْ بَيِّنَاتِهِمْ وَمَا لَا يُسْمَعُ مِنْهَا.
الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي بَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَى إثْبَاتِ أُمُورٍ.
الْفَصْلُ السَّادِسُ: فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ فِي الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا. الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ
وَالدَّعْوَى تَتَنَوَّعُ إلَى صَحِيحَةٍ وَفَاسِدَةٍ، وَالْقَاضِي إنَّمَا يَسْمَعُ الصَّحِيحَةَ دُونَ الْفَاسِدَةِ، وَفَسَادُ الدَّعْوَى إمَّا أَنْ لَا تَكُونَ مُلْزِمَةً شَيْئًا عَلَى الْخَصْمِ أَوْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مَجْهُولًا فِي نَفْسِهِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ.
فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الثَّلَاثَةَ يُجِيزُونَ دَعْوَى الْمَجْهُولِ فِي الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ ادَّعَى حَقًّا مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُمَا يَصِحَّانِ بِالْمَجْهُولِ وَتَصِحُّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ بِلَا خِلَافٍ، فَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ، وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ امْتَنَعَ مِنْ بَيَانِهِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا الطَّالِبَ لَوْ أَيْقَنَ بِعِمَارَةِ ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ بِشَيْءٍ وَجَهِلَ مَبْلَغَهُ وَأَرَادَ مِنْ خَصْمِهِ أَنْ يُجَاوِبَهُ عَنْ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ بِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ وَذَكَرَ الْمَبْلَغَ أَوْ الْجِنْسَ لَزِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ.
أَمَّا لَوْ قَالَ: لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ فَضْلَةِ حِسَابٍ لَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ وَقَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمَا تَحَاسَبَا وَبَقِيَتْ لَهُ عِنْدَهُ بَقِيَّةٌ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِقَدْرِهَا فَدَعْوَاهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَسْمُوعَةٌ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى حَقًّا فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ وَقَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا لَا يَعْلَمُونَ قَدْرَهُ فَهِيَ دَعْوَى مَسْمُوعَةٌ.
ثُمَّ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مَعْلُومًا عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ دَعْوَى تُلْزِمُ الْخَصْمَ أَمْرًا مِنْ الْأُمُورِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطْنَا كَوْنَ الْمُدَّعَى مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الدَّعْوَى لَا يُمْكِنُ مَعَ جَهَالَتِهِ، وَإِعْلَامُهُ إنْ كَانَ عَقَارًا بِذِكْرِ حُدُودِهِ وَمَوْضِعِهِ، وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ تَصْحِيحِ الدَّعْوَى.
وَإِنَّمَا شَرَطْنَا كَوْنَ الْخَصْمِ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ وَلِلْغَائِبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا شَرَطْنَا كَوْنَ الدَّعْوَى تَلْزَمُهُ حَتَّى إنَّ مَنْ

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست