responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 43
بِمُوجَبِ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ، وَلَوْ حَكَمَ عَلَيْهَا بِالتَّمْكِينِ كَانَ مُتَضَمِّنًا لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ مَا فَعَلَهُ الزَّوْجُ وَهُوَ نَفْسُ الْمُوجَبِ.
وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ: فَهِيَ عِبَادَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ اسْتِقْلَالًا، وَقَدْ يَدْخُلُهَا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ فِي التَّعْلِيقِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا الصَّيْدُ: فَيَدْخُلُهُ الْحُكْمُ اسْتِقْلَالًا، فَإِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي صَيْدٍ وَتَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ وَتَصَادَقَا عَلَى فِعْلَيْنِ صَدَرَا مِنْهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ مَثَلًا أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ أَوْ لِلثَّانِي فَحَكَمَ لَهُ بِأَنَّهُ الْمَالِكُ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مُسْتَقِلًّا صَحِيحًا، وَإِنَّمَا دَخَلَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْمِلْكَ، وَجَمِيعُ وُجُوهِ الْمِلْكِ يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ.
وَأَمَّا الذَّبَائِحُ: فَيَدْخُلُهَا الْحُكْمُ مِنْ جِهَةِ التَّقْصِيرِ الْمُقْتَضِي لِلتَّغْرِيمِ.
وَكَذَا دَفْعُ الْأُجْرَةِ لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ ذَبْحٌ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ.
وَكَذَا لَوْ بَاعَ صَاحِبُ الذَّبِيحَةِ الذَّبِيحَةَ لِشَخْصٍ ثُمَّ تَرَافَعَا إلَى حَاكِمٍ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا حَرَامٌ لِأَمْرٍ ادَّعَاهُ وَظَهَرَ لِلْحَاكِمِ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَحَكَمَ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْهُ بِتَحْرِيمِ الذَّبِيحَةِ.
وَكَذَا إذَا ثَبَتَ التَّقْصِيرُ فِي الذَّبْحِ وَحَكَمَ بِالْغُرْمِ كَانَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا لِلْحُكْمِ بِحُرْمَةِ الذَّبِيحَةِ وَأَمَّا الْأَطْعِمَةُ: فَيَدْخُلُهَا الْحُكْمُ اسْتِقْلَالًا.
مِثَالُهُ: إذَا نَزَلَتْ بِرَجُلٍ مَخْمَصَةٌ وَوَجَدَ مَعَ رَجُلٍ طَعَامًا فَامْتَنَعَ مِنْ إطْعَامِهِ وَمِنْ مُسَاوَمَتِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ فَإِنْ مَاتَ الْجَائِعُ وَجَبَ الْقِصَاصُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ وَإِنْ أَخَذَهُ الْجَائِعُ قَهْرًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَأَمَّا النِّكَاحُ وَتَوَابِعُهُ: فَدُخُولُ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْمُوجَبِ فِيهِمَا وَاضِحٌ.
وَكَذَا سَائِرُ الْمُعَامَلَاتِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْقِسْمَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْحَبْسِ وَالْوَكَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْحُمَالَةِ وَالضَّمَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الْمُعَامَلَاتِ كُلِّهَا يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ، فَلَا نُطَوِّلُ بِالتَّمْثِيلِ.

[فَصْلٌ الْفَرْقِ بَيْنَ أَلْفَاظِ الْحُكْمِ الْمُتَدَاوَلَةِ فِي التَّسْجِيلَاتِ]
(فَصْلٌ) :
فِي الْفَرْقِ بَيْنَ أَلْفَاظِ الْحُكْمِ الْمُتَدَاوَلَةِ فِي التَّسْجِيلَاتِ وَهِيَ مَرَاتِبُ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَأَعْلَاهَا " لِيُسَجِّلْ بِثُبُوتِهِ وَالْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ أَعْنِي: بِصِحَّةِ ذَلِكَ الْعَقْدِ وَقْفًا كَانَ أَوْ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهَا.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي حَدِّ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قَضَاءِ مَنْ لَهُ ذَلِكَ فِي أَمْرٍ قَابِلٍ لِقَضَائِهِ ثَبَتَ عِنْدَهُ وُجُودُهُ بِشَرَائِطِهِ الْمُمْكِنِ ثُبُوتُهَا أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ عَلَى وَجْهِهِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ شَرْعًا، فَقَوْلُنَا عَنْ قَضَاءٍ يُخْرِجُ الثُّبُوتَ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ فِي قَوْلٍ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُنَا " مَنْ لَهُ ذَلِكَ " يَدْخُلُ فِيهِ الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ الَّذِينَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي لَمْ يَبْلُغْهُ خَبَرُ الْعَزْلِ، وَحَاكِمُ أَهْلِ الْبَغْيِ إذَا لَمْ يَسْتَحِلَّ دِمَاءَ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَالْكَافِرُ حَاكِمُ الْكَفَرَةِ وَالْمُحَكَّمُ.
وَقَوْلُنَا " قَابِلٌ لِقَضَائِهِ " يَخْرُجُ بِهِ مَا لَا يَقْبَلُ الْقَضَاءَ مِنْ عِبَادَةٍ مُجَرَّدَةٍ، وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ إلْزَامٌ كَالْحُكْمِ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَيَنْجَرُّ ذَلِكَ إلَى الْحُكْمِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ وَمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَلَكِنْ لَا يَقْبَلُ الْإِلْزَامَ.
وَقَوْلُنَا " ثَبَتَ عِنْدَهُ وُجُودُهُ " يَعُمُّ الثُّبُوتَ بِالْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ وَبِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عِنْدَ قَوْمٍ، وَبِالْإِقْرَارِ وَبِعِلْمِ الْقَاضِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَبِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ بَعْدَ النُّكُولِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، أَوْ مَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " وُجُودُهُ " أَنَّ الْعَدَمَ لَا يَتَوَجَّهُ الْحُكْمُ إلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ " بِشَرَائِطِهِ الْمُمْكِنِ ثُبُوتُهَا " يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ الشُّرُوطِ لَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَثْبُتَ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، فَإِنَّ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ مَثَلًا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَرْهُونِ وَيَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَالْجَانِي جِنَايَةً تُوجِبُ أَرْشًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا هِبَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ أَحَدٌ انْتِفَاءَ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَا فِي الْحُكْمِ بِمُوجَبِهِ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ غَيْرِ الْمَحْصُورِ مُتَعَذَّرٌ.
وَإِنَّمَا طَلَبُ ذَلِكَ فِي أَنْ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ سِوَى الْقَائِمِ مِنْ أَجْلِ ظُهُورِ اسْتِحْقَاقِ مَنْ شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ وَهُوَ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مَوَانِعُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَاَلَّذِي يُعْتَمَدُ غَالِبًا فِي التَّسْجِيلَاتِ بِالْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ فِي الْوَقْفِ

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 43
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست