responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 25
وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَلِأَنَّا مَتَى لَمْ نُجِزْ التَّحْكِيمَ لَضَاقَ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ الْحُضُورُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَجَوَّزْنَا التَّحْكِيمَ لِلْحَاجَةِ.

(فَصْلٌ) :
فِيمَنْ يَصْلُحُ حَكَمًا وَمَنْ لَا يَصْلُحُ حَكَمًا وَكُلُّ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي أَمْرٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ حَكَمًا فِيهِ وَمَنْ لَا فَلَا، وَالْمَرْأَةُ تَصْلُحُ حَكَمًا، وَالصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ وَالْأَعْمَى لَا يَصْلُحُ حَكَمًا؛ لِأَنَّ الْحَكَمَ فِي حَقِّ الْمُحَكَّمَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي، وَكُلُّ مَنْ صَلَحَ شَاهِدًا صَلَحَ قَاضِيًا وَمَنْ لَا فَلَا ثُمَّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ فِي حَالَتَيْنِ: حَالَةِ التَّحْكِيمِ، وَوَقْتِ الْحُكْمِ، حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَقْتَ التَّحْكِيمِ ثُمَّ صَارَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَقْتَ الْحُكْمِ لَا يَصِيرُ حَكَمًا بِأَنْ حَكَّمَا عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ صَبِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أُعْتِقَ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ ثُمَّ حُكِّمَ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا إذَا كَانَ شَاهِدًا وَقْتَ التَّحْكِيمِ وَلَمْ يَبْقَ شَاهِدًا وَقْتَ الْحُكْمِ لَا يَبْقَى حَكَمًا؛ لِأَنَّ الْحَكَمَ فِي حَقِّهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي، وَفِي الْقَاضِي يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، فَكَذَا هَذَا.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ مُعَلَّقًا بِالْخَطْبِ وَلَا مُضَافًا إلَى الْمُسْتَقْبَلِ، بِأَنْ قَالَ لِعَبْدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إنْ عَتَقْت أَوْ أَسْلَمْت فَاحْكُمْ بَيْنَنَا، أَوْ قَالَ لِآخَرَ: إذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ فَاحْكُمْ. لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِحُّ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ التَّحْكِيمُ وَمَا لَا يَصِحُّ]
(فَصْلٌ) :
فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ التَّحْكِيمُ وَمَا لَا يَصِحُّ وَيَصِحُّ التَّحْكِيمُ فِيمَا يَمْلِكَانِ فِعْلَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمَا وَهُوَ حُقُوقُ الْعِبَادِ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَمْلِكَانِ - وَهُوَ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى - حَتَّى يَجُوزَ التَّحْكِيمُ فِي الْأَمْوَالِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْقِصَاصِ وَتَضْمِينِ السَّرِقَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِي حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ؛ لِأَنَّ التَّحْكِيمَ تَفْوِيضٌ وَالتَّفْوِيضُ يَصِحُّ بِمَا يَمْلِكُ الْمُفَوِّضُ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَمْلِكُ كَالتَّوْكِيلِ.
وَذَكَرَ الْخَصَّافُ: وَلَا يَجُوزُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ، فَكُلُّ مَا يَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهُ بِالصُّلْحِ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ، وَمَا لَا فَلَا، وَحَدُّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُمَا بِالصُّلْحِ وَبِعَقْدٍ مَا فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِمَا.
وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ التَّحْكِيمَ تَفْوِيضٌ وَتَوْلِيَةٌ فِي حَقِّهِمَا وَإِنْ كَانَ صُلْحًا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا وَهُمَا يَمْلِكَانِ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ فَيَصِحُّ تَفْوِيضُهُ إلَى غَيْرِهِمَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَيَنْفُذُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِي سَائِرِ الْمُجْتَهَدَاتِ نَحْوِ الْكِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لَكِنَّ شُيُوخَ الْمَذْهَبِ امْتَنَعُوا عَنْ الْفَتْوَى بِهَذَا لِئَلَّا يَتَجَاسَرَ الْعَوَامُّ فِيهِ.
وَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ فِي الدَّمِ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَمْ تَرْضَ بِهِ، وَحُكْمُ الْمُحَكَّمِ إنَّمَا يَنْفُذُ عَلَى مَنْ يَرْضَى بِحُكْمِهِ، وَإِنْ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ، فَإِنَّ الدِّيَةَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ خَطَأً فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ حُكْمُهُ بِالدِّيَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ بِالِاعْتِرَافِ لَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ وَكَانَ حُكْمُهُ مُوَافِقًا فَنَفَذَ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ وَمَا لَا يَصِحُّ]
(فَصْلٌ) :
فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ وَمَا لَا يَصِحُّ
حَكَّمَا رَجُلًا فَأَجَازَ الْقَاضِي حُكُومَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ، ثُمَّ حَكَمَ بِخِلَافِ رَأْيِ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ تَحْكِيمَهُمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي فَتَكُونُ إجَازَتُهُ بَاطِلَةً.
وَكَذَلِكَ إجَازَتُهُ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ إجَازَةُ الْمَعْدُومِ، وَإِذَا بَطَلَتْ إجَازَتُهُ وَقَدْ قَضَى بِخِلَافِ رَأْيِهِ كَانَ لِلْقَاضِي نَقْضُهُ اتَّفَقَا عَلَى حُكْمَيْنِ فَحُكْمُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست