responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 200
مُتَكَرِّرَةٌ مُتَقَابِلَةٌ فَانْدَفَعَ السُّؤَالُ وَلَمْ يُخَالِفْ الْقَوَاعِدَ.
قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ عَظِيمَةٌ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ عَظِيمَةٍ، فَإِنَّ مَطْلَ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَالْإِصْرَارُ عَلَى الظُّلْمِ وَالتَّمَادِي عَلَيْهِ جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ فَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ

[فَصْلٌ فِي التَّضْمِينِ]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْقَضَاءُ بِتَضْمِينِ الصُّنَّاعِ، وَشَبَهِهِمْ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِعَمَلِهِ، وَمَا هَلَكَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَقَالَا: هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ شَيْءٍ غَالِبٍ لَا يُتَحَفَّظُ مِنْهُ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ وَالْعَدُوِّ وَالْمُكَابِرِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، أَمَّا إذَا شُرِطَ يَضْمَنُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَحَلٍّ هُوَ أَلْيَقُ بِهِ مِنْ هَذَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَا هَلَكَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ بِدُونِ صُنْعِ الْأَجِيرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ، نَحْوَ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ رَاكِبًا فِي السَّفِينَةِ أَوْ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْحِمْلُ فَعَطِبَتْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ رَاكِبًا وَحْدَهُ فَالْمَتَاعُ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا مَعَ الْمُكَارِي أَوْ قَائِدِينَ أَوْ سَائِقِينَ فَكَذَا؛ لِأَنَّ يَدَ الْأَجِيرِ إنَّمَا تَثْبُتُ إذَا زَالَتْ يَدُ الْمَالِكِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ تَزُلْ فَلَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ مَضْمُونًا بِالْيَدِ وَالْفِعْلِ.
وَأَمَّا مَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِصُنْعِ الْأَجِيرِ بِأَنْ جَنَحَتْ السَّفِينَةُ بِمَدِّ الْمَلَّاحِ أَوْ انْقَطَعَ حَبْلُهَا أَوْ عَثَرَتْ الدَّابَّةُ مِنْ سَوْقِ الْمُكَارِي أَوْ عَثَرَ الْحَمَّالُ فَهُوَ ضَامِنٌ.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّجْرِيدِ:؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ اسْتِهْلَاكٍ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي غَيْرِ يَدِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
عَنْ أَبِي يُوسُفَ: إذَا سُرِقَ الْمَتَاعُ مِنْ رَأْسِ الْحَمَّالِ، وَرَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْحَمَّالِ صُنْعٌ، وَالْمَتَاعُ لَيْسَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ مَالِكِهِ إذَا كَانَ مَعَهُ.

(فَرْعٌ) :
لَوْ كَانَ الطَّعَامُ فِي سَفِينَتَيْنِ سَيَّرَهُمَا مَعًا وَحَبَسَهُمَا مَعًا وَرَبُّ الْمَتَاعِ فِي أَحَدِهِمَا - فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَلَّاحِ فِيمَا هَلَكَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَتَاعَ فِي يَدِ الْمَالِكِ سَوَاءٌ كَانَتَا مَقْرُونَتَيْنِ أَوْ لَا، وَكَذَا الْجِمَالُ إذَا كَانَ عَلَيْهَا الْحُمُولَةُ، وَرَبُّ الْحُمُولَةِ عَلَى بَعِيرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّالِ لِمَا بَيَّنَّا.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْحَمَّالِ وَرَبِّ الْمَتَاعِ إذَا حَمَلَاهُ لِيَضَعَاهُ عَلَى رَأْسِ الْحَمَّالِ فَوَقَعَ وَهَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّالِ، وَلَوْ حَمَلَهُ إلَى بَيْتِ صَاحِبِهِ ثُمَّ أَنْزَلَهُ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ مِنْ رَأْسِهِ فَوَقَعَ مِنْ أَيْدِيهِمَا وَهَلَكَ فَالْحَمَّال ضَامِنٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّالِ.

[فَصْلٌ فِي الصُّنَّاعِ الَّتِي لَا تَضْمَنُ مَا أَتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِيهَا]
(فَصْلٌ) :
اعْلَمْ أَنَّ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِالْوَقْتِ دُونَ الْعَمَلِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ وَهُوَ مَعْنَى الْخَاصِّ.
وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرِ الْوَحْدِ فِيمَا هَلَكَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَظَاهِرٌ.
وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ تَضْمِينَ أَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ كَانَ احْتِيَاطًا كَيْ لَا تَضِيعَ أَمْوَالُ النَّاسِ وَهُوَ شَرْعٌ مُغَلَّظٌ، وَقَدْ عَرَفْنَا السِّيَاسَةَ بِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى الِاحْتِيَاطِ فِي أَجِيرِ الْوَحْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبِضُ الْمَالَ عَادَةً وَإِنَّمَا سَلَّمَ نَفْسَهُ، وَمَا هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْفَسَادَ بِالْإِجْمَاعِ.
وَعَلَى هَذَا تِلْمِيذُ الْقَصَّارِ وَسَائِرُ الصُّنَّاعِ وَأُجَرَائِهِمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ إلَّا فِيمَا تَعَدَّوْا فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَجِيرُ الْوَحْدِ، وَأَجِيرُ الْوَحْدِ لَا يَضْمَنُ بِصُنْعِهِ إلَّا بِصِفَةِ التَّعَدِّي.

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست