responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 190
صِفَةُ الْمُحَارِبِ وَهُوَ الْخَارِجُ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ بِهِ مَنَعَةٌ وَكُلُّ مَنْ خَرَجَ فِي غَيْرِ مِصْرٍ بِسِلَاحٍ أَوْ خَشَبٍ فَامْتَنَعَ وَقَدَرَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَدْ حَارَبَ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُحَارِبٍ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُقَامُ عَلَيْهِ؛. لِأَنَّ هَذِهِ جِنَايَةٌ فَلَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ، فَكَذَا حُكْمُهَا.
قُلْنَا: إنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ لَا بِجِنَايَةٍ مُطْلَقَةٍ، وَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمِصْرِ وَلَا قَرِيبًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيتُ أَمْنٍ عَلَى وَجْهٍ يُقْطَعُ الطَّرِيقُ بِهِ وَأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ خَارِجَ الْمِصْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قَطْعُ الطَّرِيقِ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَهَذَا كَانَ فِي زَمَانِهِ، وَأَمَّا الْآنَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْبَرِّيَّةِ يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَدُّ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ مُحَارِبًا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَحْفُوظٌ فِي الصَّحْرَاءِ بِحِفْظِ اللَّهِ، وَالْمُتَعَرِّضُ لَهُ مُتَصَوِّرٌ بِصُورَةِ الْمُحَارِبِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ وَأَخَذَ الْمَالَ وَمَنْ لَمْ يُبَاشِرْ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الطَّرِيقِ مُضَافٌ إلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يُبَاشِرْ مُعِينٌ لِلْمُبَاشِرِ وَمُحَقِّقٌ مَعْنَى فِعْلِهِ بِتَرَصُّدِهِ لِلدَّفْعِ عَنْهُ وَالْإِرْهَابِ فَصَارَ كَالرَّدِّ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ.

[فَصْلٌ فِي عُقُوبَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ]
(فَصْلٌ) :
فِي عُقُوبَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى -: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ، فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَمَنْ أَخَافَ السَّبِيلَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا نُفِيَ، وَمَنْ أَخَذَ مَالًا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَمَنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا قُتِلَ، وَمَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ فَالْإِمَامُ فِيهِ مُخَيَّرٌ فَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَصَلَبَهُ وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَلَمْ يَقْطَعْ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْفِيهِ مِنْ الصَّلْبِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُقْتَلُ وَلَا يُصْلَبُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ مِنْ الصَّلْبِ عُقُوبَتَانِ، كُلٌّ مُقَيَّدَةٌ بِحَالَةٍ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا.
وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُصْلَبُ بَعْدَ الْقَتْلِ، وَيَصْلُبُهُ الْإِمَامُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ.
وَأَمَّا النَّفْيُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَحْبِسَهُ حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً، فَإِنْ تَابَ قَبْلَ الْأَخْذِ وَثُبُوتِ الْيَدِ؛ سَقَطَ الْحَدُّ وَإِنْ تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ.

(فَصْلٌ) :
إذَا سَقَطَ الْحَدُّ دُفِعَ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ بِحَدِيدَةٍ إلَى الْأَوْلِيَاءِ فَيَقْتُلُونَ أَوْ يَعْفُونَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ خَرَجَ الْفِعْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَطْعًا لِلطَّرِيقِ لَكِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ قَتْلًا فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ، وَحُكْمُ الْقَتْلِ الْعَمْدِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
(فَرْعٌ) :
وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ بِعَصًا أَوْ حَجَرٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ، وَكَذَا إذَا تَابَ الْمُحَارِبُونَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ فَالْحُكْمُ فِي الْقِصَاصِ وَضَمَانِ الْأَمْوَالِ نَحْوُ مَا لَوْ أَخَذُوا مِنْ غَيْرِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَكَذَا إذَا أَخَذُوا قَبْلَ التَّوْبَةِ وَلَمْ يَكُونُوا أَخَذُوا مَالًا وَلَا قَتَلُوا وَلَكِنْ أَصَابُوا جِرَاحَاتٍ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ فِيمَا يُسْتَطَاعُ، وَيَضْمَنُونَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ وَيُسْتَوْدَعُونَ الْحَبْسَ حَتَّى يَتُوبُوا.

[فَصْلٌ فِي السِّيرَةِ فِي الْبُغَاةِ]
(فَصْلٌ) :
فِي السِّيرَةِ فِي الْبُغَاةِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ بَيْتَهُ وَلَا يَخْرُجَ إلَى الْفِتْنَةِ فَإِنْ دَعَاهُ الْإِمَامُ وَعِنْدَهُ غِنًى وَقُدْرَةٌ لَمْ يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ؛ لِأَنَّ طَاعَةَ الْإِمَامِ فَرْضٌ حَالَةَ الْقُدْرَةِ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا بَلَغَهُ أَنَّ الْخَوَارِجَ يَتَأَهَّبُونَ لِلْقِتَالِ أَنْ يَأْخُذَهُمْ وَيَحْبِسَهُمْ حَتَّى يُقْلِعُوا عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الشَّرِّ قَبْلَ وُقُوعِهِ أَسْهَلُ مِنْ الدَّفْعِ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ الْإِمَامُ حَتَّى تَعَسْكَرُوا وَتَأَهَّبُوا لِلْقِتَالِ بَعَثَ إلَيْهِمْ مَنْ يَدْعُوهُمْ إلَى الْعَدْلِ رَجَاءَ أَنْ يَعُودُوا إلَيْهِ، وَقَدْ بَعَثَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ إلَى أَهْلِ حَرُورَاءَ يَدْعُوهُمْ إلَى الْعَدْلِ، فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ وَهَزَمَهُمْ،

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست