responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 125
الْوَارِثِ إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَهُ صَاحِبُ الْعَبْدِ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ، وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ فِيمَا لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ.
وَإِنْ قَتَلَهُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ تَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ رَقَبَةً هِيَ مِلْكُ الْغَيْرِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ خَطَأً وَأَخَذَ قِيمَتَهُ لَا يَنْتَقِضُ الصُّلْحُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ اشْتَرَى بِالْقِيمَةِ عَبْدًا آخَرَ يَخْدُمُهُ سَنَةً، وَإِنْ شَاءَ عَادَ إلَى دَعْوَاهُ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: يَنْتَقِضُ الصُّلْحُ وَعَادَ إلَى دَعْوَاهُ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ يَنْتَقِضُ الصُّلْحُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَصَالِحَيْنِ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَتَكُونُ الْخِدْمَةُ لِوَرَثَتِهِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَبْطُلُ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ دَعْوَاهُ. مِنْ الْمُحِيطِ.

[الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالْإِقْرَارِ]
فِي الْقَضَاءِ بِالْإِقْرَارِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ أَقْوَى الْأَحْكَامِ وَأَشَدِّهَا وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْتَنِدُ الْقَضَاءُ إلَى ظَنٍّ فَبِأَنْ يَسْتَنِدَ إلَى عِلْمٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِقْرَارِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَالْحُكْمَ بِالْبَيِّنَةِ مَظْنُونٌ؛ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرُ صِدْقٍ، أَوْ يُرَجِّعُ صِدْقَهُ عَلَى كَذِبِهِ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ الْكَذِبِ وَرِيبَةِ الْإِفْكِ، وَحَقِيقَتُهُ إخْبَارٌ عَنْ كَائِنٍ سَابِقٍ فَيَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمُخْبَرِ بِهِ سَابِقًا عَلَى إخْبَارِهِ.
وَرُكْنُهُ قَوْلُهُ: عَلَيَّ لِفُلَانٍ كَذَا وَمَا يُشْبِهُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِهِ ظُهُورُ الْحَقِّ وَانْكِشَافُهُ حَتَّى لَا يَصِحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ بِأَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْخِيَارُ بَاطِلٌ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَالْمَالُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مَشْرُوطٌ لِلْفَسْخِ، وَالْإِقْرَارُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ وُجُوبُ الْمُقَرِّ بِهِ وَهُوَ الدَّيْنُ. وَشَرْطُ جَوَازِهِ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِمَا التَّصَرُّفُ أَصْلًا.
وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطٌ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ الْبَعْضِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ بِمَالٍ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَلَوْ أَقَرَّ بِالْقِصَاصِ يَصِحُّ، وَكَذَا كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ مِمَّا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ شَرْطٌ، حَتَّى لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ حَبَّةً مِنْ حِنْطَةٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :
لَوْ قَالَ: لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، قَالَ: نَعَمْ. يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: نَعَمْ، جَوَابٌ لِكَلَامِهِ، وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: اتَّزِنْهَا أَوْ انْتَقِدْهَا أَوْ اُقْعُدْ فَاقْبِضْهَا أَوْ لَمْ تَحِلَّ بَعْدُ، أَوْ قَالَ: غَدًا، أَوْ قَالَ: أَرْسِلْ مَنْ يَتَّزِنْهَا، فَكُلُّهَا إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ تَصْلُحُ لِلْبِنَاءِ لَا لِلِابْتِدَاءِ، وَلَوْ قَالَ: اتَّزِنْ، أَوْ انْتَقِدْ، أَوْ خُذْ، أَوْ أَخِّرْ، أَوْ سَوْفَ أُعْطِيكَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَ حَرْفِ الْكِنَايَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ وَلَا لِلْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَسْتَقِيمُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْمُخَاطَبُ: مَاذَا أَتَّزِنُ أَوْ أَنْتَقِدُ؟ فَيَقُولُ: شَيْئًا آخَرَ.
لَوْ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي أَوْ تَذْكِرَتِي أَوْ حِسَابِي أَوْ بِخَطِّي، أَوْ كَتَبْتُ بِيَدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ شَاهِيَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْوُجُودِ لَا بِالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ وَجَدَ أَوْ فَعَلَ هَكَذَا، وَالْوُجُودُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ فِي كِتَابِهِ مَكْتُوبَ غَيْرِهِ وَقَدْ يَكْتُبُ مُمْتَحِنًا لِلْخَطِّ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْوُجُوبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي نَوَازِلِهِ: لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ خَطًّا بِخَطِّ يَدِهِ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ الْمَالِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّهُ فَاسْتُكْتِبَ فَكَتَبَ فَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ قَالَ أَئِمَّةُ بُخَارَى: إنَّهُ حُجَّةٌ يُقْضَى بِهَذَا.
وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ نَصَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ حُجَّةً؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ أَعْلَى حَالًا مِمَّا لَوْ أَقَرَّ فَقَالَ: هَذَا خَطِّي وَأَنَا كَتَبْتُهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست