responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 123
إنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ كَالْمَالِ، وَوُقُوعُ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ كَالْقِصَاصِ، هَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَفِي الصُّلْحِ عَلَى إنْكَارِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلِ وَوُقُوعِ الْبَرَاءَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدَّعْوَى، سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَالًا، وَإِذَا خَشَى الْقَاضِي مِنْ تَفَاقُمِ الْأَمْرِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ أَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ أَوْ بَيْنَهُمَا رَحِمٌ سَوَّاهُ بَيْنَهُمَا وَأَمَرَهُمَا بِالصُّلْحِ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: رُدُّوا الْقَضَاءَ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ حَتَّى يَصْطَلِحُوا، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ الضَّغَائِنَ.
(تَنْبِيهٌ) :
وَلَا يَأْمُرُ بِالصُّلْحِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ وَجْهُ الصُّلْحِ لِأَحَدِهَا رَجَاءَ أَنْ لَا يَصْطَلِحَا، إلَّا أَنْ يَرَى لِذَلِكَ وَجْهًا، مِثْلَ أَنْ يَرَى الْحُكْمَ يُوقِعُ فِتْنَةً وَتَهَارَجَا
(فَرْعٌ) :
قَالَ: وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْدُبَ إلَى الصُّلْحِ إذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْحُكْمِ، فَإِنْ أَبَيَا أَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَمْ يُلِحَّ عَلَيْهِمَا إلْحَاحًا يُشْبِهُ الْإِلْجَاءَ، بَلْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِالْوَاجِبِ أَوْ يَتْرُكُ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا.
(تَنْبِيهٌ) :
قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ بِالصُّلْحِ إذَا تَقَارَبَتْ الْحُجَّتَانِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَكُونُ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ تَكُونُ الدَّعْوَى فِي أُمُورٍ دُرِسَتْ وَتَقَادَمَتْ وَتَشَابَهَتْ، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ لِلْقَاضِي الظَّالِمُ مِنْ الْمَظْلُومِ لَمْ يَسَعْهُ مِنْ اللَّهِ إلَّا فَصْلُ الْقَضَاءِ.

[فَصْلٌ الصُّلْحُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ]
(فَصْلٌ) :
فِي مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِهِ وَفِي الْأَصْلِ: الصُّلْحُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: صُلْحٌ مَعَ الْإِنْكَارِ، وَصُلْحٌ مَعَ الْإِقْرَارِ، وَصُلْحٌ مَعَ السُّكُوتِ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَنَا، لَكِنَّ مَعْنَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ وَالْمُشَاجَرَةِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا خُصُومَةٌ وَمُنَازَعَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ إسْقَاطٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ عَنْ طَوْعٍ وَرَغْبَةٍ، وَفِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ لَوْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ قَبْضِ مَالِ الصُّلْحِ لَيْسَ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَفِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أُجَوِّزُ مَا يَكُونُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الصُّلْحِ يَتَحَقَّقُ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْخُصُومَةِ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ صُلْحَ الْفُضُولِيِّ جَائِزٌ بِأَنْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلْمُدَّعِي إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ مَعِي فِي السِّرِّ وَأَنْتَ مُحِقٌّ فِي دَعْوَاكَ فَصَالِحْنِي عَلَى كَذَا، فَضَمِنَ لَهُ ذَلِكَ فَصَالَحَهُ صَحَّ.
وَصُورَةُ ضَمَانِ الْفُضُولِيِّ بِأَنْ يَقُولَ الْفُضُولِيُّ لِلْمُدَّعِي: صَالِحْ فُلَانًا مِنْ دَعْوَاكَ عَلَيْهِ عَلَى كَذَا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِهِ، أَوْ عَلَيَّ كَذَا مِنْ مَالِي، أَوْ قَالَ: صَالِحْنِي مِنْ دَعْوَاكَ هَذِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَأَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مَالِهِ نَفَذَ الصُّلْحُ، وَالْبَدَلُ عَلَى الضَّامِنِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَيَرْجِعُ بِمَا ادَّعَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ بِأَمْرِهِ، وَالْأَمْرُ بِالصُّلْحِ وَالْخُلْعِ أَمْرٌ بِالضَّمَانِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَفِي شَرْحِ الشَّافِي، رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ تِلْكَ الدَّارِ، ثُمَّ وَجَدَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً فَأَقَامَهَا يَأْخُذُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ.
وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ، وَفِي النِّصَابِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إسْقَاطٌ، وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنْ الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ، وَذَكَرَ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي نُسْخَتِهِ أَنَّ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ، أَمَّا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْبَاقِي وَلَا يَأْخُذُهَا، وَقَدْ ذَكَرَ وَجْهَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي الْخِزَانَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ: رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَصَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ مِنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ صَحَّ الصُّلْحُ وَبَرِيءَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى.
وَفِي الْأَصْلِ الْكَفِيلُ إذَا صَالَحَ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ عَنْهَا لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَالِ فَبَطَلَ وَلَمْ يَبْرَأْ، وَلَوْ أَدَّاهُ يَرْجِعُ فِيهِ، فَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ عَلَى كَذَا فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا قَضَاهُ اُنْظُرْ الْخُلَاصَةَ فِي بَابِ الْكَفَالَةِ.

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست